الفراغ في الظهر كان المرجع فيه أصالة الاشتغال؛ للشكّ في وجود الشرط، لا البراءة العقلية.

ثمّ إنّ إشكالًا آخر هناك في انحلال العلم الإجمالي بالاصول الطولية التي يكون بعضها مثبتاً وبعضها نافياً، وهو ما أشار إليه في الفوائد[1] من أ نّه يلزم من وجودها عدمها، سوف نتعرّض له مع دفعه في تنبيه الانحلال إن شاء اللَّه تعالى.

الجهة الثانية: أنّ مقتضى ما افيد في مقام تقريب جريان الأصل الطولي فيما إذا كان الأصلان متسانخين، من إجمال دليل هذين الأصلين المتسانخين، باعتبار أ نّه دليل واحد، وقد علم فيه بالتخصيص إجمالًا دون دليل الأصل الطولي، أ نّه إذا علم المكلّف ببولية المائع الأصفر، أو المائع الأبيض، وعلم ببولية المائع الأبيض أو نجاسة ماءٍ، بحيث تكون بولية الأبيض طرفاً لعلمين إجماليّين فبما أنّ المائعين مجرىً لأصالة الطهارة في نفسيهما، ويعلم بتخصيص دليل الأصل وخروج أحدهما منه فيكون مجملًا، وأمّا الماء فيكون مشمولًا لدليل الاستصحاب لأجل العلم بطهارته سابقاً، ولا يعارضه أصالة الطهارة في المائع الأبيض، إذ المفروض إجمال دليلها.

ولكنّا نقول: إنّ الأصلين العَرْضِيّين إن كان متسانخين بأن كان كلّ منهما أصل الطهارة- مثلًا- فتخصيص دليل أصالة الطهارة وإن كان معلوماً بالإجمال إلّا أنّ هذا العلم الإجمالي بتخصيص الدليل وخروج أحد الطرفين عنه الموجب لعدم جريان الأصل في كلٍّ من الطرفين لا يكون سبباً لإجمال دليل الأصل بمعنى سقوط ظهوره، وإنّما يوجب إجماله الحكمي بمعنى سقوط حجّيته؛ وذلك لأن‏

 

[1] فوائد الاصول 4: 46