الاستصحابي لعدم وجوب الجمعة يؤثّر عقلًا في جعل العقاب على ترك الجمعة قبيحاً؛ لأنّه عقاب على ترك أمرٍ مع قيام البيان على عدم التكليف به، فما يوجبه هو أنّ ترك الجمعة ليس سبباً للعقاب أصلًا.
كما أنّ الانكشاف الاستصحابي لعدم وجوب الظهر يؤثّر عقلًا في جعل العقاب على ترك الظهر قبيحاً بعين الوجه، فما يوجبه هو أنّ ترك الظهر ليس سبباً للمؤاخذة.
وإذن فنتيجة الاستصحابين عقلًا هي: أنّ ترك الجمعة ليس سبباً للعقاب، وأنّ ترك الظهر ليس سبباً له، ومن المعلوم أنّ هذه النتيجة لا تنافي ما يستوجبه العلم الإجمالي من تنجّز الجامع وكون تركه سبباً للعقاب، فإنّ عدم سببية كلٍّ من التركين لا يقتضي نفي كون ترك الجامع سبباً.
وإذن فعندنا تروك ثلاثة:
أحدها: ترك الجامع، وهو يصحّ العقاب عليه؛ لأنّه عقاب على ترك شي‏ءٍ كان هناك مقتضٍ للحركة على طبقه، إذ المفروض أنّ المقدار الواصل من الإلزام إجمالًا يقتضي الإتيان بالجامع، فتركه ترك لِمَا لَه مقتضٍ فيصير سبباً للعقاب.
وثانيها: ترك الظهر، وهو ليس سبباً للعقاب، ولا يصحّ العقاب عليه؛ لأنّه ترك لفعلٍ لم يكن له مقتضٍ، بل قد قام البيان على عدم وجوبه، كما أنّ ترك الجمعة يكون تركاً لفعلٍ قد قام البيان الاستصحابي على عدم وجوبه.
وعليه فترك الجامع يندرج في قاعدة صحّة العقاب مع البيان وتمامية المقتضي، وترك الظهر وترك الجمعة يندرجان في قاعدة قبح العقاب مع بيان العدم ولو بياناً تعبّدياً.
فاتّضح: أنّ توهّم المعارضة بين الاستصحابين مبنيّ إمّا على تخيّل أن‏