كما يمكن الاستدلال له أيضاً: بأنّ لدى العالِم علماً بأكثر من الجامع؛ لأنّ الجامع لا يوجد إلّامتخصِّصاً، فالانتهاء إلى خصوصيةٍ تكون متعلَّقاً للعلم الإجمالي لابدّ منه.
وقد عرفت في ما سبق أنّ هذين الوجهين إنّما يبطلان القول بتعلّق العلم الإجمالي بالجامع الملغى عنه خصوصيات الأطراف، والممتنع انطباقه عليها بخصوصياتها، ولا يعيِّنان كون الصورة العلمية إجماليةً وحاكيةً عن الواقع؛ لإمكان الالتزام بتفصيلية الصورة، وكون المعلوم بها هو الجامع، ولكن بالنحو الذي أوضحناه، فلا يرد شيء من الإشكالين.
وإذن فلا برهان على ما افيد، بل البرهان على خلافه.
وتحقيق ذلك: أنّ الوجود الذهني كالوجود الخارجي في أ نّه ملازم للتشخّص والتعيّن، بل عينهما بوجه، فالتشخّص والتعيّن مساوق لحقيقة الوجود السارية في عالم الذهن والخارج، فكما يمتنع أن يكون الموجود الخارجي مردّداً أو غير متعيّن الهوية كذلك الوجود الذهني، والصور الذهنية يستحيل فيها عدم التعيّن من سائر الجهات.
والعلم عبارة عن حضور الشيء لدى النفس، وقيام الصورة بها على نحوٍ يقترن بالتصديق.
وعلى هذا فالصورة الذهنية القائمة في نفس العالم بالإجمال والتي هي محطّ التصديق باعتبار فنائها في معنونها وجود ذهني، حاله حال سائر الوجودات في أ نّه لا بدّ من كونه وجوداً لأمرٍ متعيَّنٍ بخصوصياته؛ لاستحالة وجود الأمر المردّد، وحينئذٍ نقول: إنّها إمّا أن تكون وجوداً لطبيعيّ الوجوب الملغى عنه خصوصيات الأطراف، وإمّا أن تكون وجوداً للوجوب المتخصّص بخصوصية طرفٍ بعينه، كخصوصيّة التعلّق بالظهر، وإمّا أن تكون وجوداً للوجوب