وأمّا إذا كانت الحكومة المحتملة في المقام للأصل في الأبيض على الأصل في الأسود من السنخ الثاني فيكون حال المحاكم بحسب الحقيقة حال الدليل المخصِّص، بمعنى أ نّه في المورد الذي يرجع فيه إلى العامّ عند الشكّ في التخصيص يرجع هنا إلى المحكوم عند الشكّ في الحاكم، وفي المورد الذي لا يجوز التمسّك فيه بالعامّ من موارد الشكّ لا يجوز فيه التمسّك بالدليل المحكوم في المقام أيضاً.
والحاصل: أ نّه يفصّل بين الشبهات الحكمية للحاكم والشبهات المصداقية له. ففي الأول يرجع إلى الدليل المحكوم دونه في الثاني، على تفصيلٍ محقّقٍ في مباحث العموم والخصوص.
وحينئذٍ: فإن كان الشكّ في المقام في حكومة الأصل في الإناء الأبيض ناشئاً عن الشكّ في مقدار المجعول فيه بنحو الشبهة الحكمية، كما إذا شكّ كلّيّةً في أنّ نجاسة الملاقي- بالكسر- هل هي من الآثار الشرعية لنجاسة الملاقى- بالفتح- أو لَا؟ فيرجع إلى الدليل المحكوم، ويكون اقتضاء الأصل في الإناء الأسود تامّاً، فيسقط بالمعارضة مع الأصل في الإناء الأصفر في عرض سقوط الأصل في الإناء الأبيض.
وإن كان الشكّ في حكومة الحاكم ناشئاً عن الشبهة الموضوعية، بمعنى أ نّه يعلم بأنّ المجعول فيه هو طهارة الملاقي- بالكسر- وخروج ملاقيه عن مقتضى الدليل المحكوم، إلّاأ نّه يشكّ في أنّ الإناء الأسود هل هو ملاقٍ للإناء الأبيض، أوْ لَا؟ فلا مجال للتمسّك حينئذٍ بدليل المحكوم إلّابعد سقوط الحاكم، فتأمّل جيّداً.
والحمد للَّه أوّلًا وآخرا