فإنّ الظاهر من الرواية أيضاً أنّ أحد الشريكين ضَمِن مالية شريكه وجعل خسارته في عهدته مع بقاء الشركة وملكية الشريكين على حالها، ولهذا فرض المناصفة في الربح، كما هو مقتضى ملكية الشريكين، فالاحتمال الثالث الذي استظهرناه في الرواية السابقة يكون هنا أوضح.
فاتّضح من كلّ ما تقدّم أنّ مقتضى القواعد هو جواز جعل الضمان على عامل المضاربة بالمعنى الذي عرفته من التعهّد وأخذ المال في العهدة، سواء كان ذلك بعقدٍ مستقلّ أو بشرطٍ في ضمن عقدٍ بنحو شرط النتيجة، وكذلك الحال في سائر الامناء الآخرين.
ولكن في خصوص عامل المضاربة وردت روايات خاصّة تدلّ على أنّ فرض الضمان عليه يستوجب حرمان المالك من الربح.
ففي خبر محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام: أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال:
«من اتّجر مالًا واشترط نصف الربح فليس عليه ضمان». وقال: «من ضمَّن تاجراً فليس له إلّارأسماله، وليس له من الربح شيء»[1].
والظاهر من هذه الرواية هو أنَّ فرض شيءٍ من الربح لمالك المال مع فرض الضمان على العامل لا يجتمعان في الشريعة.
وقد يحمل قوله: «من ضمَّن تاجراً» على الإقراض، حيث إنّ الإقراض هو التمليك على وجه الضمان، فيدلّ حينئذٍ على أنّ الإقراض يوجب عدم استحقاق المقرِض لشيء؛ إذ يكون الشيء رباً حينئذٍ، لا أنّ فرض الضمان بأيِّ وجهٍ يوجب ذلك.
ولكنّ هذا الحمل وإن كان ممكناً في نفسه إلّاأ نّه خلاف ظاهر الرواية، فإن
[1] تهذيب الأحكام 7: 190، الحديث 839