عن الواقع؛ لأنّ البنك لا يجمع الودائع الثابتة كلّها ويدفع بها إلى مجال الاستثمار في وقتٍ واحد، بل في أوقاتٍ مختلفة. وإذا كلّفنا البنك أن يأخذ عامل الزمن الخاصّ باستثمار كلّ وديعةٍ بعين الاعتبار كان هذا شاقّاً عليه ويتطلَّب منه جهوداً ونفقاتٍ كبيرة.
وأمّا إذا فرضنا أنّ كلّ الزمن الذي مرّ على الوديعة الثابتة من لحظة الإيداع إلى لحظة السحب أدخلناه في حساب حصّتها من الربح كما تفعل البنوك الربوية فإنّ هذا يُبعدنا عن فكرة المضاربة الإسلامية؛ لأنّ الدخل القائم على أساس المضاربة ينتج عن استثمار المال والاسترباح به، وهو بهذا يختلف عن الدخل الربوي القائم على أساس القرض باسم الفائدة.
فإذا أدخلنا اليوم الأوّل لإيداع الوديعة الثابتة في حساب الأرباح بالرغم من أنّ الوديعة في هذا اليوم لم يطرأ عليها أيّ استثمارٍ كان معنى هذا أ نّا اقتربنا من طبيعة الدخل القائم على أساس الفائدة، وابتعدنا عن طبيعة الدخل القائم على أساس المضاربة الإسلامية، ولهذا نقترح أن يقيم البنك حساباته على افتراض أنّ كلّ وديعهٍ ثابتةٍ تدخل خزائنه سوف يبدأ استثمارها فعلًا بعد شهرين من زمن الإيداع مثلًا- والمدّة مرنة تتأثّر بظروف العمل التجاري، وعلى درجة الإقبال العامّة على استثمار رؤوس الأموال- ولن تستثمر قبل ذلك، وهذا يعني أنّ المودِع إذا سحب وديعته لأيّ سببٍ من الأسباب المسوّغة قبل مضيّ شهرين لا يُعطى أيّ ربح. كما أ نّها إذا ظلَّت أكثر من شهرين لا يحسب لها أرباح إلّامن نهاية الشهر الثاني؛ لإعطاء البنك خلال الشهرين فرصةً معقولةً لاستثمار الوديعة على أساس المضاربة، ويدخل الزمن بعد مضيّ شهرين من تحديد أرباح الوديعة على أساس أنّ من المفروض أن تكون الوديعة قد استثمرت عندئذٍ، وبهذا لا نبتعد عن فكرة المضاربة الإسلامية.