وأمّا إذا نظرنا إلى طبيعتها القانونية- أي إلى الصياغة القانونية لتلك العلاقة- في المجتمع الرأسمالي نرى أنّ القانون صاغها عن طريق تجزئتها إلى علاقتين قانونيّتين مستقلّتين:
إحداهما: علاقة البنك بالمودِعين بوصفه مديناً وبوصفهم دائنين.
والاخرى: علاقة البنك مع رجال الأعمال المستثمِرين، الذين يلجأون إلى البنك للحصول على المبالغ التي يحتاجونها من النقود، وفي هذه العلاقة يحتلّ البنك مركز الدائن، ورجال الأعمال مركز المَدين.
ومعنى هذا أنّ البنك لم يعد في الإطار القانوني مجرّد وسيطٍ بين رأس المال والعمل، أي بين المودِعين والمستثمِرين، بل أصبح طرفاً أصيلًا في علاقتين قانونيّتين، وانعدمت بحكم ذلك أيّ علاقةٍ قانونيةٍ بين رأس المال والعمل، بين المودِعين والمستثمِرين، فأصحاب الودائع ليس لهم أيّ ارتباطٍ قانونيّ برجال الأعمال، وإنّما هم مرتبطون بالبنك ارتباط دائنٍ بمدين، كما أنّ رجال الأعمال المستثمِرين غير مرتبطين بأحدٍ سوى البنك بالذات الذي يدخلون معه في علاقة مَدين بدائن.
والبنك بوصفه مديناً للمودِعين يدفع إليهم الفائدة إذا لم تكن ودائعهم تحت الطلب، وباعتباره دائناً للمستثمِرين يتسلّم منهم فائدةً أكبر، وبذلك يرتبط نظام الإيداع والإقراض بالربا المحرَّم في الإسلام.
والفكرة الأساسية التي احاول عرضها لتطوير البنك على أساسٍ إسلاميّ يصونه من التعاطي بالربا ترتكز على تصنيف الودائع التي يتسلّمها إلى ودائع ثابتة، واخرى متحرّكة (جارية). ففي الودائع الثابتة تُرفض الصياغة القانونية الآنفة الذكر بعلاقة البنك بالمودِعين والمستثمِرين، وتُعطى بدلًا عنها صياغة قانونية اخرى تنشأ بموجبها علاقة قانونيّة مباشرة بين المودِعين والمستثمِرين،