[التخريج الثالث:]
وهنا تقريب يختصّ ببعض القروض، وهي ما كان من قبيل القروض التي تدفع إلى المدين خارج البلاد. فمثلًا: قد يتقدّم شخص إلى البنك في بغداد طالباً منه أن يزوِّده بخطابٍ إلى وكيله في الهند يأمره فيه بإقراضه مبلغاً معيّناً من المال، فيزوّده البنك بهذا الخطاب، ثمّ يقدِّمه الشخص إلى الوكيل في الهند ويقترض بموجبه المبلغ المحدَّد. وعقد القرض هنا وقع في هذا المثال في الهند.
ومن حقّ المقِرض- بمقتضى إطلاق عقد القرض- إلزام المقترِض بالوفاء في نفس مكان القرض؛ لأنّ مكان وقوع القرض هو الأصل في مكان الوفاء بمقتضى الإطلاق. وعليه فيكون من حقّ البنك أن يطالب مدينَه بالوفاء في نفس المكان الذي تَمَّ فيه إقراضه عن طريق وكيله في الهند، غير أنّ المدين غير مستعدٍّ لذلك، فإنّه يريد الوفاء في العراق حالة رجوعه من سفره، لا في الهند، فيمكن للبنك في هذه الحالة أن يطالب بمقدار الفائدة لا بإزاء المال المقترض، بل بإزاء تنازله عن الوفاء في ذلك المكان المعيّن. وليس هذا رباً؛ لأنّ البنك في الواقع قد أقدم على الإقراض مستعدّاً لقبول نفس المبلغ إذا دفع له في نفس المكان، وإنّما يطالب بالزيادة لقاء تنازله عن المكان، فيكون المقترض بين أمرين: فإمَّا أن يقتصر على دفع نفس المبلغ على أن يدفعه في نفس المكان الذي وقع فيه القرض، وإمَّا أن يدفع زيادةً عليه لقاءَ إسقاط الدائن حقّه في الوفاء في المكان المعيّن.
وسوف يختار المقترض الأمر الثاني.
وفي الواقع أنّ هذا الوجه هو الذي جوّزنا للبنك على أساسه أن يأخذ عمولةً على التحويل، كما يأتي مفصَّلًا. ولكن لا يمكن استخدام البنك اللاربوي