باللَّه سوف يضع قاعدة لما سنتحدّث عنه بعد قليل من أخلاقيّة الإنسان العامل، أخلاقيّة الإنسان العامل التي سنتحدّث عنها بعد قليل لا يمكن أن تتكوّن عند الإنسان إلّاإذا كان يعيش حالة الاتّصال باللَّه سبحانه وتعالى عيشاً تفصيليّاً.
إضافة إلى ذلك: إنّ هذا الاتّصال باللَّه تعالى يجعل الإنسان قادراً على أن يدعو ويترقّب من اللَّه الاستجابة، أمّا إذا كان نسي اللَّه تعالى أيّام رخائه، قد ترك اللَّه ودينه، تركه ومحنته، تركه ومشاكل رسالته، وكان لا يفكّر في اللَّه وكان يفكّر في نفسه لا في اللَّه .. حينئذٍ كيف يمكن أن يرجو هذا الإنسان أن يمدّ يديه إلى السماء- حينما يقع في محنة- فيستجيب اللَّه دعاءه؟
ولماذا يستجيب اللَّه دعاءه!!
ولماذا يستمع إلى لسان لم يلهج بذكر اللَّه!!
وإلى يدين لم تتحرّك في طاعة اللَّه!!
وإلى قلب لم ينبض بالحبّ للَّهتعالى!!
نحن لا يمكننا أن نترقّب استجابة الدعاء إلّاإذا كنّا نعيش حالة الاتّصال باللَّه وكنّا قد عبّأنا وجودنا وقوانا للَّهسبحانه وتعالى، حينئذٍ يمكن أن [نطلب] من اللَّه سبحانه وتعالى الإمداد والمعونة والتغلّب على كلّ المشاكل والمحن.
[محنة يوسف بن تاشفين:]
المسلمون في إسبانيا حينما تعرّضوا في القرن الخامس لغزو مسيحي من قبل إسبانيا المسيحيّة عندما تعرّضوا لهذا الغزو استنجدوا بأمير المغرب (يوسف بن تاشفين)، يوسف بن تاشفين قام مع جيش جرّار، عَبَرَ البحر إلى إسبانيا لكي ينقذ المسلمين في إسبانيا من الغزو المسيحي الذي كان يهدّد كيانهم[1].
[1] انظر: تاريخ ابن خلدون 6: 183- 190