المجتمع الإسلامي تؤمن بها وتتقيّد بموجبها في تعيين الإمام والتعرّف على كفاءته للإمامة- شروطٌ شديدة؛ لأنّها تؤمن بأنّ الإمام لا يكون إماماً إلّاإذا كان أعلم علماء عصره.
د- إنّ المدرسة وقواعدها الشعبية كانت تقدِّم تضحياتٍ كبيرة في سبيل الصمود على عقيدتها في الإمامة؛ لأنّها كانت في نظر الخلافة المعاصرة لها تشكّل خطّاً عدائياً ولو من الناحية الفكرية على الأقلّ، الأمر الذي أدّى‏ إلى قيام السلطات وقتئذٍ وباستمرارٍ تقريباً بحملاتٍ من التصفية والتعذيب، فقُتِل من قُتِل، وسُجِن من سُجن، ومات في ظلمات المعتقلات المئات. وهذا يعني أنّ الاعتقاد بإمامة أئمّة أهل البيت كان يكلّفهم غالياً، ولم يكن له من الإغراءات سوى ما يحسّ به المعتقد أو يفترضه من التقرّب إلى اللَّه تعالى والزلفى‏ عنده.
ه- إنّ الأئمّة الذين دانت هذه القواعد لهم بالإمامة لم يكونوا معزولين عنها، ولا متقوقعين في بروجٍ عاليةٍ شأن السلاطين مع شعوبهم، ولم يكونوا يحتجبون عنهم إلّاأن تحجبهم السلطة الحاكمة بسجنٍ أو نفي، وهذا ما نعرفه من خلال العدد الكبير من الرواة والمحدِّثين عن كلِّ واحدٍ من الأئمّة الأحد عشر، ومن خلال ما نقل من المكاتبات التي كانت تحصل بين الإمام ومعاصريه، وما كان الإمام يقوم به من أسفارٍ من ناحية، وما كان يبثّه من وكلاء في مختلف أنحاء العالم الإسلامي من ناحيةٍ اخرى، وما كان قد اعتاده الشيعة من تفقّد أئمّتهم وزيارتهم في المدينة المنوّرة عندما يؤمُّون الديار المقدّسة من كلّ مكانٍ لأداء فريضة الحجّ، كلّ ذلك يفرض تفاعلًا مستمرّاً بدرجةٍ واضحةٍ بين الإمام وقواعده الممتدّة في أرجاء العالم الإسلامي بمختلف طبقاتها من العلماء وغيرهم.
و- إنّ الخلافة المعاصرة للأئمّة عليهم السلام كانت تنظر إليهم وإلى زعامتهم الروحية والإمامية بوصفها مصدر خطرٍ كبيرٍ على كيانها ومقدّراتها، وعلى هذا