لقائدها المدَّخَر عاملًا من عوامل إنجاحها وتمكّنه من ممارستها وقيادتها بدرجةٍ أكبر؟
ونجيب على ذلك بالإيجاب، وذلك لعدّة أسبابٍ منها ما يلي:

[العمر الطويل ودوْره في إنجاح القائد:]

إنّ عملية التغيير الكبرى تتطلّب وضعاً نفسياً فريداً في القائد الممارس لها، مشحوناً بالشعور بالتفوّق والإحساس بضآلة الكيانات الشامخة التي اعِدَّ للقضاء عليها وتحويلها حضارياً إلى عالمٍ جديد.
فبقدر ما يعمر قلب القائد المغيِّر من شعورٍ بتفاهة الحضارة التي يصارعها، وإحساسٍ واضحٍ بأ نّها مجرّد نقطةٍ على الخطّ الطويل لحضارة الإنسان، يصبح أكثر قدرةً من الناحية النفسية على مواجهتها والصمود في وجهها، ومواصلة العمل ضدّها حتى النصر.
ومن الواضح أنّ الحجم المطلوب من هذا الشعور النفسي يتناسب مع حجم التغيير نفسه وما يُراد القضاء عليه من حضارةٍ وكيان، فكلّما كانت المواجهة لكيانٍ أكبر ولحضارةٍ أرسخ وأشمخ، تطلّبت زخماً أكبر من هذا الشعور النفسي المفعم.
ولمّا كانت رسالة اليوم الموعود تغيير عالَمٍ ملي‏ءٍ بالظلم وبالجور تغييراً شاملًا بكلِّ قيمه الحضارية وكياناته المتنوعة، فمن الطبيعي أن تفتّش هذه الرسالة عن شخصٍ أكبر في شعوره النفسي من ذلك العالم كلّه، عن شخصٍ ليس من مواليد ذلك العالَم الذين نشأوا في ظلّ تلك الحضارة التي يُراد تقويضها واستبدالها بحضارة العدل والحقّ؛ لأنّ من ينشأ في ظلّ حضارةٍ راسخة تعمر الدنيا بسلطانها وقيمها وأفكارها، يعيش في نفسه الشعور بالهيبة تجاهها؛ لأنّه ولد وهي قائمة، ونشأ صغيراً وهي جبّارة، وفتح عينيه على الدنيا فلم يجد سوى أوجهها المختلفة.