بحث حول المهدي‏

                        6- هل للفرد كلّ هذا الدور؟

ونأتي إلى سؤالٍ في تسلسل الأسئلة المتقدمة، وهو السؤال الذي يقول:
هل للفرد مهما كان عظيماً القدرة على إنجاز هذا الدور العظيم؟ وهل الفرد العظيم إلّا ذلك الإنسان الذي ترشّحه الظروف ليكون واجهةً لها في تحقيق حركتها؟
والفكرة في هذا السؤال ترتبط بوجهة نظرٍ معيّنة للتأريخ تفسّره على أساس أنّ الإنسان عامل ثانوي فيه، والقوى الموضوعية المحيطة به هي العامل الأساسي، وفي إطار ذلك لن يكون الفرد في أفضل الأحوال إلّاالتعبير الذكي عن اتّجاه هذا العامل الأساسي.
ونحن قد أوضحنا في مواضع اخرى من كتبنا المطبوعة أنّ التأريخ يحتوي على قطبين: أحدهما الإنسان، والآخر القوى‏ المادّية المحيطة به. وكما تؤثّر القوى المادّية وظروف الإنتاج والطبيعة في الإنسان، يؤثّر الإنسان أيضاً في ما حوله من قوىً وظروف، ولا يوجد مبرّر لافتراض أنّ الحركة تبتدئ من المادّة وتنتهي بالإنسان إلّابقدر ما يوجد مبرّر لافتراض العكس، فالإنسان والمادّة يتفاعلان على مرّ الزمن، وفي هذا الإطار بإمكان الفرد أن يكون أكبر من ببغاء في تيّار التأريخ، وبخاصّةٍ حين نُدخل في الحساب عامل الصلة بين هذا الفرد والسماء. فإنّ هذه الصلة تدخل حينئذٍ كقوةٍ موجّهةٍ لحركة التأريخ. وهذا