هل قرأت سورة الكهف؟ وهل قرأت عن اولئك الفتية الذين آمنوا بربّهم وزادهم اللَّه هدى؟ وواجهوا كياناً وثنيّاً حاكماً، لا يرحم ولا يتردّد في خنق أيِّ بذرةٍ من بذور التوحيد والارتفاع عن وهدة الشرك، فضاقت نفوسهم ودَبَّ إليها اليأس وسُدَّت منافذ الأمل أمام أعينهم، ولجأوا إلى الكهف يطلبون من اللَّه حَلّاً لمشكلتهم بعد أن أعيتهم الحلول، وكبر في نفوسهم أن يظلّ الباطل يحكم ويظلم ويقهر الحقّ ويُصفِّي كلّ مَن يخفق قلبه للحقّ.
هل تعلم ماذا صنع اللَّه تعالى بهم؟ إنّه أنامهم ثلاثمائة سنةٍ وتسع سنين في ذلك الكهف، ثمّ بعثهم من نومهم ودفع بهم إلى مسرح الحياة، بعد أن كان ذلك الكيان الذي بَهَرهم بقوّته وظلمه قد تداعى وسقط، وأصبح تأريخاً لا يُرعِبُ أحداً ولا يُحرِّك ساكناً، كلّ ذلك لكي يشهدَ هؤلاء الفتية مصرع ذلك الباطل الذي كبر عليهم امتداده وقوته واستمراره، ويروا انتهاء أمره بأعينهم، ويتصاغر الباطل في نفوسهم.
ولَئِن تحقّقت لأصحاب الكهف هذه الرؤية الواضحة بكلّ ما تحمل من زخمٍ وشموخ نفسيَّين من خلال ذلك الحدث الفريد الذي مدّد حياتهم ثلاثمائة سنة فإنّ الشي‏ء نفسه يتحقّق للقائد المنتظر من خلال عمره المديد الذي يتيح له أن يشهد العملاق وهو قزم، والشجرة الباسقة وهي بذرة، والإعصار وهو مجرّد نسمة.

[الإعداد الفكري والقيادي لليوم الموعود:]

أضف إلى ذلك أنّ التجربة التي تُتيحها مواكبة تلك الحضارات المتعاقبة والمواجهة المباشرة لحركتها وتطوراتها لها أثر كبير في الإعداد الفكري وتعميق الخبرة القيادية لليوم الموعود؛ لأنّها تضع الشخص المدَّخَر أمام ممارساتٍ كثيرة