التفاصيل التي لا تكوّن المناخ المناسب، وإنّما قد يتطلّبها أحياناً التحرّك ضمن ذلك المناخ المناسب.

ومن ذلك الإمدادات والعنايات الغيبيّة التي يمنحها اللَّه تعالى لأوليائه في لحظاتٍ حرجةٍ فيحمي بها الرسالة، وإذا بنار نمرود تصبح برداً وسلاماً على إبراهيم‏[1]، وإذا بيد اليهوديّ الغادر التي ارتفعت بالسيف على رأس النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم تُشَلُّ وتفقد قدرتها على الحركة[2]، وإذا بعاصفةٍ قويةٍ تجتاح مخيّمات الكفّار والمشركين الذين أحدقوا بالمدينة في يوم الخندق وتبعث في نفوسهم الرعب‏[3]، إلّا أنّ هذا كلّه لا يعدو التفاصيل وتقديم العون في لحظاتٍ حاسمةٍ بعد أن كان الجوّ المناسب والمناخ الملائم لعملية التغيير على العموم قد تكوّن بالصورة الطبيعية ووفقاً للظروف الموضوعية.

[موقف الإمام المهدي عليه السلام من الظروف الموضوعيّة:]

وعلى هذا الضوء ندرس موقف الإمام المهديّ عليه السلام لنجد أنّ عملية التغيير التي اعِدَّ لها ترتبط من الناحية التنفيذية- كأيّ عملية تغييرٍ اجتماعيّ اخرى- بظروفٍ موضوعيةٍ تساهم في توفير المُناخ الملائم لها، ومن هنا كان من الطبيعي أن توقّت وفقاً لذلك. ومن المعلوم أنّ المهدي لم يكن قد أعدّ نفسه لعملٍ اجتماعي

[1] انظر قوله تعالى:« قالُوا حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ* قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى‏ إِبْراهِيمَ* وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ». الأنبياء: 68- 70

[2] راجع الرواية في تفسير ابن كثير 2: 33، والبحار للمجلسي 18: 47 و 52 و 60 و 75 باب معجزات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم

[3] تأريخ الطبري 2: 244 حوادث السنة الخامسة من الهجرة