للآخرين بكلّ ما فيها من نقاط الضعف والقوة، ومن ألوان الخطأ والصواب، وتعطي لهذا الشخص قدرةً أكبر على تقويم الظواهر الاجتماعية بالوعي الكامل على أسبابها وكلّ ملابساتها التأريخية.
ثمّ إنّ عملية التغيير المدَّخَرة للقائد المنتظر تقوم على أساس رسالةٍ معيَّنةٍ هي رسالة الإسلام، ومن الطبيعي أن تتطلّب العملية في هذه الحالة قائداً قريباً من مصادر الإسلام الاولى، قد بُنيت شخصيته بناءاً كاملًا بصورةٍ مستقلّةٍ ومنفصلةٍ عن مؤثّرات الحضارة التي يُقدّر لليوم الموعود أن يحاربها.
وخلافاً لذلك، الشخص الذي يولَد وينشأ في كنف هذه الحضارة وتتفتّح أفكاره ومشاعره في إطارها، فإنّه لا يتخلّص غالباً من رواسب تلك الحضارة ومرتكزاتها وإن قاد حملةً تغييريةً ضدّها.
فلكي يُضمَن عدم تأثّر القائد المدَّخَر بالحضارة التي اعِدَّ لاستبدالها لابدّ أن تكون شخصيته قد بُنيت بناءاً كاملًا في مرحلةٍ حضاريةٍ سابقة هي أقرب ما تكون- في الروح العامة ومن ناحية المبدأ- إلى الحالة الحضارية التي يتّجه اليوم الموعود إلى تحقيقها بقيادته.