إمكانية إطالة عمر الإنسان، سواء فسّرنا الشيخوخة بوصفها نتاج صراعٍ واحتكاكٍ مع مؤثّراتٍ خارجيةٍ، أو نتاج قانونٍ طبيعيّ للخليّة الحيّة نفسها يسير بها نحو الفناء.
ويتلخّص من ذلك: أنّ طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعدّدةً أمر ممكن منطقياً وممكن علمياً، ولكنّه لا يزال غير ممكنٍ عملياً، إلّاأنّ اتّجاه العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان عبر طريقٍ طويل.
وعلى هذا الضوء نتناول عمر المهدي (عليه الصلاة والسلام) وما احيط به من استفهامٍ أو استغراب.
ونلاحظ: أ نّه بعد أن ثبت إمكان هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً، وثبت أنّ العلم سائر في طريق تحويل الإمكان النظري إلى إمكانٍ عمليّ تدريجاً لا يبقى للاستغراب محتوىً إلّااستبعاد أن يسبق المهديّ العلم نفسه، فيتحوّل الإمكان النظري إلى إمكانٍ عمليّ في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوره إلى مستوى القدرة الفعلية على هذا التحويل، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء ذات السحايا أو دواء السرطان.
وإذا كانت المسألة هي أ نّه كيف سبق الإسلام- الذي صمّم عمر هذا القائد المنتظر- حركة العلم في مجال هذا التحويل؟
فالجواب: أ نّه ليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم.
أوَليست الشريعة الإسلامية ككلّ قد سبقت حركة العلم والتطور الطبيعي للفكر الإنساني قروناً عديدة؟
أوَلَمْ تُنادِ بشعاراتٍ طَرحت خُططاً للتطبيق لم ينضج الإنسان للتوصّل إليها في حركته المستقلّة إلّابعد مئات السنين؟