أوَلَمْ تأتِ بتشريعاتٍ في غاية الحكمة لم يستطع الإنسان أن يدرك أسرارها ووجه الحكمة فيها إلّاقبل برهةٍ وجيزةٍ من الزمن؟
أوَلَمْ تكشف رسالة السماء أسراراً من الكون لم تكن تخطر على بال إنسان ثمّ جاء العلم ليثبتها ويدعمها؟
فإذا كنّا نؤمن بهذا كلّه فلماذا نستكثر على مرسِل هذه الرسالة سبحانه وتعالى أن يسبق العلم في تصميم عمر المهدي؟
وأنا هنا لم أتكلّم إلّاعن مظاهر السبق التي نستطيع أن نحسّها نحن بصورةٍ مباشرة، ويمكن أن نضيف إلى ذلك مظاهر السبق التي تُحدِّثنا بها رسالة السماء نفسها.
ومثال ذلك: أ نّها تخبرنا بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قد اسري به ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى[1]، وهذا الإسراء إذا أردنا أن نفهمه في إطار القوانين الطبيعية فهو يعبِّر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشكلٍ لم يُتَح للعلم أن يحقّقه إلّابعد مئات السنين، فنفس الخبرة الربانية التي أتاحت للرسول صلى الله عليه و آله و سلم التحرّك السريع قبل أن يُتاح للعلم تحقيق ذلك أتاحت لآخِر خلفائه المنصوصين العمر المديد قبل أن يُتاح للعلم تحقيق ذلك.
نعم، هذا العمر المديد الذي منحه اللَّه تعالى للمنقذ المنتظر يبدو غريباً في حدود المألوف حتى اليوم في حياة الناس وفي ما انجز فعلًا من تجارب العلماء.
ولكن أوَليس الدور التغييري الحاسم الذي اعِدَّ له هذا المنقذ غريباً في حدود المألوف في حياة الناس وما مرّت بهم من تطورات التأريخ؟
أوَليس قد انيط به تغيير العالم وإعادة بنائه الحضاري من جديدٍ على
[1] قال تعالى:« سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى …» الإسراء: 1