حوالي خمسة أشبارٍ أو ستّة. وحيث إنّ الصحيحة كانت في مقام تحديد الكرِّ في نفسه، والروايتين كانتا في مقام تحديد الكرّ الواقع في الأرض فيمكن أن تحمل زيادة الأشبار الخمسة فيها على أمرٍ غالبيٍّ متعارف، وهو أن لا يكون قعر المياه الموجودة في الأرض على مستوىً واحد، بل تكون نقطة الوسط في القعر أكثر انخفاضاً من الجوانب، كما في الغدران وأمثالها ممّا يوجد في الأرض.
والصحيح: أنّ هذا التوفيق بين الروايات قد يكون معقولًا في مقام إبراز نكتةٍ واقعية تبرر فهم كيفية صدور هذه الروايات من الإمام عليه السلام، بعد الفراغ عن صدورها، ولكنّه لا يصح أساساً للجمع العرفيّ بين الروايات؛ لأنّ ذلك يتوقّف على وجود قرينةٍ في رواية أبي بصير- مثلًا- على ملاحظة تلك العناية، وهي عدم التساوي في قعر الماء، ومجرّد احتمال ذلك واقعاً لا يجعل الجمع عرفياً، كماهو واضح.
والقرينة على ملاحظة ذلك ليست إلّادعوى: أنّ نظر رواية أبي بصير متّجه إلى المياه الموجودة عادةً في الأرض، كالغدران ونحوها، وأنّ غلبة عدم استواء القعر في هذه المياه تصلح أن تكون قرينةً على ملاحظة تلك العناية، أو لا أقلّ من أن تصبح رواية أبي بصير في دلالتها على اعتبار الأشبار الخمسة أو الستّة الزائدة مجملةً، ومحتملةً للحمل على دخل ذلك في الحدّ الواقعيّ، وللحمل على تدارك تلك العناية.
ولكنّ الإنصاف عدم وجاهة هذه الدعوى؛ لأنّ كون النظر في رواية أبيبصير إلى الغدران وأمثالها من المياه المبتلاة غالباً بتلك العناية ليس هناك منشأ لدعواه إلّاورود كلمة «الأرض» في رواية أبي بصير، حيث قال: «في عمقه في الأرض»، بينما لم ترد هذه الكلمة في رواية إسماعيل بن جابر، وهذا وحده لا يكفي لإعطاء الرواية ظهوراً في الخروج عن القضية الفرضية إلى الاتّجاه في