«الشبر»، فلو كان الحدّ هو ثلاثة ونصف- مثلًا- بأقل شبر متعارف فقد بيَّن مراده؛ لأنّ أقلّ شبر مرجعه إلى جامع الشبر، وعدم دخل الزيادة في الحدّ، وقد بيّن الجامع بكلمة «شبر»، وينفي دخل الزيادة بعدم ذكرها إثباتاً، كما ينفي دخل أيّ خصوصيةٍ زائدةٍ بسكوت المولى عنها في مقام الإثبات. وهذا بخلاف ما إذا افترضنا أنّ مراد المولى بالشبر مرتبة أكبر من ذلك، فإنّ جهة الزيادة حينئذٍ المرادة له- بحسب هذا الفرض- لا توجد عليها قرينة في مقام الإثبات، فالإطلاق بمقدمات الحكمة يعيِّن إذن إرادة أقصر الأشبار المتعارفة، ومعه يكون التعارض مستحكماً.
الوجه الثالث من وجوه الجمع بين أخبار المساحة: حملها على مراتب الاعتصام والطهارة، فتكون بعض تلك المراتب تنزهية، وفي مقابل نجاسةٍ تنزهية، وبعضها لزومية، وفي مقابل نجاسةٍ حقيقية.
ويرد عليه: أنّ فكرة تعدّد مراتب الطهارة والاعتصام وإن كانت عرفيةً إلّا أنّ استخدام هذه الفكرة في الجمع بين أخبار المساحة ليس صحيحاً؛ لقوّة ظهورها في أ نّها في مقام تحديد أمرٍ واحدٍ وهو الكرّية باعتبارها كيلًا مخصوصاً، لا أ نّها في مقام بيان نفس الاعتصام والطهارة ابتداءً، على أنّ التفاوتات القليلة الموجودة بين مقادير الروايات لا يناسب حملها على مراتب الاعتصام، فإنّ هذهالمراتب إنّما يتعقّلها العرف بين مراتب من الكثرة مختلفة، لا بين مقادير متقاربة.
الوجه الرابع أن يقال: إنّ التعارض إنّما يتمثّل في صحيحة إسماعيل بن جابر من ناحيةٍ بدلالتها على سبعةٍ وعشرين، ورواية أبي بصير ورواية الحسن بن صالح من ناحيةٍ اخرى بدلالتها على حوالي اثنين وثلاثين، بناءً على استظهار المدوَّر منهما، أو عدم استظهار غيره على الأقلّ. وهذا يعني أنّ الاختلاف يساوي