ونصف، فيكون «في عمقه» بياناً مستقلًا للبعد الثالث بإرجاع ضميره إلى التقدير، لا إلى الماء.
إلّاأنّ هذا خلاف الظاهر أيضاً؛ لأنّ العمق من شؤون الماء، لا من شؤون التقدير، إلّاأن يقال بحمل إضافة العمق إلى التقدير على الإضافة البيانية، أي عمقٌ هو ثلاثة أشبارٍ ونصف. وبهذا تتّجه هذه العناية.
ومن تلك العنايات: أنّ البعد الثالث محمول على البعدين المذكورين، وهي حوالة عرفية مقبولة.
ويرد على ذلك: أنّ هذه الحوالة إنّما تكون مقبولةً إذا علم أنّ الملحوظ في التقدير جسم يحتاج تقديره إلى ملاحظة ثلاثة أبعادٍ كالمربّع، وأمّا مع احتمال كون الملحوظ هو المدوّر الذي لا يحتاج تقديره إلى ملاحظة البعدين المذكورين فلا موجب لحمل السكوت عن البعد الثالث على أ نّه حوالة على البعدين المذكورين، بل قد يكون قرينةً على أنّ الملحوظ هو المدوّر.
الطريق الثاني للاستدلال على التحديد المشهور، وهو يتركّب من عدّة امور:
الأوّل: أن ندَّعي سقوط روايات المساحة جميعاً عن الحجّية ولو بسبب وقوع التعارض بينها واستحكامه؛ لأنّ هذه الروايات متنافية في تحديداتها، فصحيحة إسماعيل بن جابر- مثلًا- تشتمل على التحديد: إمّا بسبعةٍ وعشرين إذاحملت على المدوَّر، وإمّا بستّةٍ وثلاثين [إذا حملت] على المربّع. ورواية أبيبصير تشتمل على التحديد: إمّا باثنين وأربعين وسبعةِ أثمان إذا حملت على المربَّع، وإمّا بحوالي اثنين وثلاثين شبراً إذا حملت على المدوَّر، فالتحديدان- على كلّ حالٍ- متنافيان، وبهذا تسقط روايات المساحة عن الحجّية بالتعارض.