وقد يؤيَّد ذلك بتفسير الذراع في بعض الروايات بالقَدَمين، من قبيل الروايات الواردة في الوقت، إذ يُدّعى أنّ القدم أطول من شبرٍ بمقدار السدس مثلًا.
لكن لا ينبغي الشكّ أنّ الذراع عند إطلاقه يشمل الذراع المساوي لشبرين بوصفه ذراعاً متعارفاً في الخارج بالوجدان، ووجود ذراعٍ أطول لا يضرّ، بعد أن كان المقياس هو أقصر المصاديق المتعارفة، كما سيأتي. على أنّ بالإمكان أن يُدَّعى أنّ الشبر لمّا كان مضاهياً لنصف الذراع- على أيّ حالٍ- بحسب الارتكاز الذهنيّ عرفاً فينسبق إلى الذهن من قوله: «ذراع وشبر» أنّ المقصود بيان «ذراعٍ ونصف»، ونفس هذا الانسباق قرينة على أنّ الذراع في الصحيحة لوحظ بما هو مضاعف الشبر.
وأمّا المقدِّمة الثانية فقد وُجِّه بشأنها استظهاران متعاكسان:
أحدهما: ما استظهره السيّد الاستاذ[1] دام ظلّه: من أنّ مورد الرواية هو المدوّر؛ لأنّ قوله: «ذراع وشبر سعته» ظاهر في تحديد سعته من جميع جهاته بذراعٍ وشبر، وهذا لا يتصوّر إلّافي الدائرة؛ لأنّ الخطّ المرسوم من أيّ نقطةٍ من الدائرة إلى أيّ نقطةٍ منها- مع فرض المرور بنقطة المركز- هو واحد، خلافاً للمربّع مثلًا، فإنّ الخطوط المرسومة من نقاطٍ إلى نقاطٍ اخرى فيه قد تتفاوت حتّى مع مرورها جميعاً على المركز، فإنّ الخطّ المفروض بين الزاويتين من المربّع أطول من الخطّ المرسوم بين الضلعين.
والآخر: ما استظهره المحقّق الهمدانيّ قدس سره[2] من حمل الرواية على المربَّع؛ لأ نّه الذي لو لوحظ الخطّ الواقع بين أيّ نقطةٍ واقعةٍ في أحد أضلاعه والنقطة
[1] التنقيح 1: 200
[2] مصباح الفقيه 1: 137- 138