الثالثة: أ نّا لو سلّمنا انقلاب النسبة وافترضنا انحصار روايات الطائفة الاولى بالقسم الأوّل الوارد في طبيعيّ الماء فيمكن القول بأنّ كلًاّ من الطائفة الاولى والثانية ورد عليها مخصّص سليم عن المعارض. فالطائفة الثانية مخصّصها هو ما دلّ على اعتصام الماء النابع، كما ذكر السيّد الاستاذ- دام ظلّه-، والطائفة الاولى لها مخصّص، وهو الروايات الدالّة على الانفعال، الواردة في مورد الماء المتيقّن القلّة، من قبيل روايات الإناء ونحوها. فكما يخرج من إطلاق روايات الانفعال الماء النابع كذلك يخرج من إطلاق روايات الاعتصام الماء المتيقّن القلّة الذي لا يزيد على ستمائة رطلٍ عراقي، ومعه فسوف تكون النسبة بين الطائفتين- بعد ملاحظة كلا التخصيصين- العموم من وجه، ويتعارضان في الماء المحقون المشكوك كرّيته، فلا موجب لمرجعية أحدهما دون الآخر.
وإن شئتم قلتم: إنّ نفس أخبار الكرّ لا إشكال في حجّيتها في إثبات الانفعال للماء القليل المردّد بين الأقلّ والأكثر، وهي أخصّ مطلقاً من الطائفة الاولى الدالّة على الاعتصام، فتوجب بمفهومها إخراج متيقّنها في القلّة من إطلاق الطائفة الاولى، وتوجب بمنطوقها إخراج متيقّنها في الكرّية من إطلاق الطائفة الثانية. كما أنّ دليل اعتصام الماء النابع يوجب إخراج النابع من إطلاق الطائفة الثانية.
فلو كنّا نلحظ نسبة الطائفة الثانية بعد تخصيصها إلى الطائفة الاولى قبل تخصيصها لكانت أخصَّ منها مطلقاً، ولكنّ هذا بلا موجبٍ بناءً على انقلاب النسبة، وإلّا لأمكن أن نلاحظ نسبة الطائفة الاولى بعد التخصيص إلى الطائفة الثانية قبل التخصيص، فتكون أخصّ منها مطلقاً.
بل المتعيّن هو إعمال كلا التخصيصين لكلتا الطائفتين، ثمّ ملاحظة النسبة بينهما. وحينئذٍ يرى أنّ النسبة هي العموم من وجه، ومادّة الاجتماع هي الماء