مسلم دون المرسلة، إذ يقال: بأنّ هذه الصحيحة تحديد للكرِّ الخارج بمخصّصٍ منفصلٍ عن عمومات انفعال الماء القليل، وحيث إنّه مردّد بين الاقلّ والأكثر فيعلم بأنّ الماء البالغ ستمائة رطلٍ مكّيٍّ خارج عن تلك العمومات، ويشكّ فيما هو أقلّ من ذلك ممّا يبلغ ستمائة رطلٍ عراقيٍّ أو مدني، فيرجع في الزائد المشكوك إلى عمومات الانفعال.
وقد ذكر السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه- في توضيح ذلك: أ نّنا نواجه في بادئ الأمر طائفتين متعارضتين بالنسبة إلى عصمة الماء:
إحداهما تدلّ على أنّ طبيعيّ الماء لا ينفعل بالملاقاة، من دون فرقٍ بين القليل والكثير والمحقون وغيره، كرواية حريزٍ[2].
والاخرى تدلّ على انفعال الماء مطلقاً، سواء كان قليلًا أو كثيراً، محقوناً أو ذا مادة، من قبيل موثّقة عمّار: في الدجاجة تطأ على العذرة ثمّ تدخل الماء، قال: «لا تشرب منه ولا تتوضّأ»[3].
وهاتان الطائفتان متعارضتان، وموضوعهما واحد، إلّاأنّ هذا التعارض ينحلّ نتيجةً لوجود مخصّصٍ منفصلٍ للطائفة الثانية، يخرج منها مالَه مادة من الماء، كرواية ابن بزيع، فتصبح أخصّ مطلقاً من الطائفة الاولى فتخصّصها.
ثمّ إنّ هذه الطائفة الثانية ورد عليها مخصّص مردّد بين الأقلّ والأكثر مفهوماً، وهو دليل اعتصام الكرّ، ففيما زاد على المتيقّن يتمسّك بإطلاق الطائفة الثانية الدالّة على الانفعال، لا بالطائفة الاولى الدالّة على الاعتصام؛ لأنّ ما هو
[1] التنقيح 1: 195
[2] وسائل الشيعة 1: 137، الباب 3 من أبواب الماءالمطلق، الحديث 1
[3] وسائل الشيعة 1: 231، الباب 4 من أبواب الأسآر، الحديث 3، نقلًا بالمعنى