وقد احتمل الأصحاب في هذه الرواية ثلاثة احتمالات:
أحدها: أن تكون واردةً في مورد الشبهة المحصورة، بمعنى العلم إجمالًا بوقوع الدم على الإناء، ولا يعلم على أيّ جانبيه، وحيث إنّ الجانب الخارجيّ لاأثر لنجاسته فلا يكون العلم الإجماليّ منجّزاً.
ثانيها: أن تكون الرواية واردةً في مورد العلم التفصيليّ بإصابة الدم للإناء بما هو إناء، والشكّ في إصابته لما في الإناء من الماء، وحيث إنّه شكّ بدويّ فلا يعتنى به.
ثالثها: أن تكون الرواية واردةً في فرض إصابة الدم للإناء بمعنى الماء الذي في الإناء، فتكون دالّةً على التفصيل المدّعى.
وقد يستظهر الاحتمال الثاني، حملًا لكلمة «الإناء» على معناها الحقيقيّ المغاير للماء؛ لأنّ حمل «الإناء» على «ماء الإناء» لا يخلو من عناية، ولا قرينة على هذه العناية.
ولكنّ الإنصاف: أنّ حمل «الإناء» على الظرف دون الماء لا يخلو من عنايةٍ مقابلةٍ أيضاً؛ لأنّ الضمير في قوله: «هل يصلح الوضوء منه؟» يرجع إلى الإناء. ومن المعلوم أنّ الوضوء إنّما يكون من ماء الإناء حقيقةً، لا من الإناء؛ لأنّ الإناء بما هو إناء لا يتوضأ منه، وهذا بنفسه قد يصلح قرينةً على إرادة الماء من الإناء.
هذا، مضافاً إلى أنّ المراد لو كان هو الإناء بمعنى الظرف فهذا يعني: أنّ السؤال إنّما هو بلحاظ الشكّ في وقوع الدم في الماء بعد فرض وصوله إلى الإناء، وهذا غير مذكورٍ في كلام الراوي، فيلزم على هذا أن تكون الحيثية الملحوظة في السؤال- وهي الشكّ في إصابة الدم للماء- غير مذكورةٍ في كلام السائل، وهو خلاف الظاهر، بخلاف ما إذا كان المراد بالإناء نفس الماء فإنّ الحيثية الملحوظة