إذا لوحظت بالنظر العرفيّ يرى أنّ حدّاً أدنى من الكمّية مأخوذ في مفهوم اللفظ الدالّ عليها، فلو نقص فرد عن تلك الكمّية لم يكن مصداقاً لمفهوم اللفظ عرفاً وإن كان فرداً حقيقياً من الماهية عقلًا.
وليس هذا من الأخذ بنظر العرف في تشخيص المصداق، بل من الأخذ بنظره في تحديد المفهوم؛ لأنّ مرتبةً أدنى من الحجم قد اخذت في نفس مدلول اللفظ عرفاً. والدم إذا كان مّما لا يدركه الطرف في نفسه فلا يكون مصداقاً للدم العرفي، ولا تشمله أدلّة انفعال الماء القليل بالدم. وكذلك الأمر في سائر أعيان النجاسات.
وهذا في الحقيقة ليس تفصيلًا، ولا يحتاج إلى دليلٍ خاصٍّ، وإنّما يتحقّق التفصيل لو قيل بأنّ بعض المصاديق العرفية للدم لا تنجس؛ لضآلتها وعدم استبانتها في الماء عند الملاقاة، وإن كانت في نفسها قبل الملاقاة قابلةً للرؤية، فإنّ مثل هذا القول يحتاج إلى دليلٍ يقيّد إطلاقات أدلّة انفعال الماء القليل.
ومن هنا قد يستدلّ على ذلك برواية عليّ بن جعفر التي نقلها الكلينيّ في الكافي، والشيخ في التهذيب والاستبصار. ونقل في التنقيح: أنّ الشيخ الطوسيّ رواها في المبسوط[1]، ولكنّا لم نجد في المبسوط هذه الرواية.
وهي: قال: سألته عن رجلٍ رعف فامتخط، فصار بعض ذلك الدم قِطعاً صِغاراً فأصاب إناءه، هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: «إن لم يكن شيئاً يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئاً بيِّناً فلا يتوضأ منه»[2].
[1] التنقيح 1: 181
[2] الكافي 3: 74، الحديث 16. تهذيب الأحكام 1: 412، الحديث 1299. الاستبصار 1: 23، الحديث 57. وعنها وسائل الشيعة 1: 150، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1