فإنّ هذه الروايات تدلّ بمفهومها على أنّ الماء ينفعل بملاقاة اليد التي أصابها المنيّ. وهذا مطلق يشمل صورة بقاء المنيّ إلى حين الملاقاة، وصورة عدم بقائه، فيثبت بها انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس.

وهكذا نعرف أنّ الطريق الأوّل لإثبات عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس- وهوالاستناد إلى عدم الدليل- غير صحيح، فلابدّ من الاتّجاه إلى تحقيق حال الطريق الثاني الذي يستهدف إيقاع المعارضة بين إطلاق دليل الانفعال الشامل لملاقاة المتنجّس الخالي من عين النجس وإطلاقٍ آخر، فيسقط عن الاعتبار.

وحاصل الكلام في الطريق الثاني يرتبط بدراسة بعض الروايات التي يمكن أن يُدَّعى‏ دلالتها على عدم انفعال الماء القليل بالمتنجّس، وهي كما يلي:

الرواية الاولى: رواية زرارة المتقدّمة في البحث السابق، قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يُستقى‏ به الماء من البئر، هل يتوضّأ من ذلك الماء؟

قال: «لا بأس»[1].

وقد تقدّم‏[2] إبداء ستّة احتمالاتٍ في تشخيص حيثية السؤال، واستظهرنا من الرواية نفي أربعةٍ منها، وبعد هذا الاستظهار يظلّ احتمالان:

أحدهما: أنّ السؤال بلحاظ احتمال نجاسة ماء الدلو بوقوع شعر الخنزير فيه.

والآخر: أنّ السؤال بلحاظ احتمال نجاسة ماء الدلو بتساقط القطرات فيه.

ومن الواضح أنّ الفرض الأوّل هو فرض ملاقاة عين النجس، والفرض‏

 

[1] وسائل الشيعة 1: 170، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2

[2] تقدّم في الصفحة 411- 412