القليل، وتوجيه الفرق بين حالة التفسّخ في القليل وحالة التفسخ في الكثير، بعد البناء على أنّ التفسّخ يلازم عادةً تغيّر مقدارٍ قليلٍ من الماء، والبناء على أنّ المتغيّر لا يطهر- حتّى إذا زال تغيّره- إلّابالاتّصال بالمادّة أو الكثير، ولا يكلّف ذلك إلّا رفع اليد عن ظهور الدلالة الثانية للرواية في كون التفسّخ مأخوذاً على وجه الموضوعية للحكم بالانفعال.
ومن المعلوم أنّ تعيّن رفع اليد عن ذلك لا يُسوِّغ رفع اليد عن الدلالة الاولى الصريحة في عدم الانفعال.
وأما الاعتراض الثاني فيرد عليه: أنّ عنوان «أكثر من راويةٍ» إن لم يكن مطابقاً أو مقارباً لمقدار الكرّ فهو- على الأقلّ- عنوان مطلق قابل للتقييد بالكرّ، فلا يؤدّي الاعتراض المذكور إلّاإلى رفع اليد عن إطلاق هذا العنوان.
وقد نقل عن ابن الجنيد: أنّ الكرّ قُلّتان[1]، والقلَّتان راوية، مع أ نّه لم ينقل عنه شيء في وزن الكرّ خلاف ما عليه المشهور. وهذا يبرز احتمال أن تكون الراوية في ذلك العصر مقاربةً للكرّ وزناً، ولو فرضنا أنّ الراوية كانت أقلَّ من الكرِّ فليقيّد إطلاق قوله: «إذا كان أكثر من راويةٍ» بالكرّ. وقد جاء في التنقيح[2] في بحث مساحة الكرّ: الاعتراف بأن ما دلّ من هذه الرواية على اعتصام ما كان أكثر من راويةٍ قابل للتقييد.
فالمهمّ في التخلّص من الاستدلال بالرواية المذكورة على الانفعال ضعف السند؛ لأنّه جاء في طريقها عليّ بن حديد، وهو لم يوثّق.
نعم، الجملة الأخيرة الخارجة عن محطّ الاستدلال- وهي «إذا كان الماء
[1] المعتبر 1: 45
[2] التنقيح 1: 209