مايزيد على راويةٍ وما هو أقلّ من ذلك، مع أ نّه لا قائل بهذا الفرق؛ لأنّ القائل بالانفعال يُفَرِّق بين الكرِّ وما هو أقلّ منه، والقائل بعدمه لا يفرّق بين القليل والكثير أصلًا.
أمّا الاعتراض الأوّل فيمكن الجواب عليه: بأنّ الرواية لها دلالتان:
إحداهما: دلالة بالصراحة على أنّ الملاقاة لعين النجس بمجرّدها لا تسبّب انفعال الماء القليل.
والاخرى: دلالة بالظهور على أنّ الملاقاة المقرونة بالتفسّخ توجب الانفعال.
فإن كنّا نحتمل فقهيّاً أن يكون للتفسخ بعنوانه تأثير في الانفعال- بوصفه مرتبةً متوسّطةً بين الملاقاة المجرّدة والتغيّر تعين الأخذ بكلتا الدلالتين للرواية.
وإن كنّا لا نحتمل فقهيّاً ذلك فلابدّ من الأخذ بالدلالة الاولى للرواية، ورفع اليد عن ظهور الدلالة الثانية في موضوعية التفسّخ بعنوانه للحكم بالانفعال، وحمله على أ نّه اخذ باعتباره ملازماً لحدوث التغيّر ولو في مقدارٍ قليلٍ من الماء، وهو المقدار الذي يحيط بالميتة المتفسّخة ويتخلّلها، فإنّ هذا المقدار يتغيّر عادةً بسبب تفسّخ الميتة فيكون نجساً. وحينما يتوضّأ الشخص من الماء ويختلط بعضه ببعضٍ وإن كان ذلك المقدار المتغيّر سوف يختلط بغيره عادةً ويزول تغيّره ولكنّ زوال التغيّر عن الماء القليل قد لا يكون مطهّراً ما لم يتّصل بالمادة أو الكرّ.
وبذلك يظهر الفرق بين ما إذا تفسّخت الميتة في ماءٍ كثيرٍ كرٍّ، أو في ماءٍ قليل، فإنّ مقداراً قليلًا من الماء وإن كان سوف يتغيّر في كلتا الحالتين ولكنّ المقدار المتغيّر في الكثير يطهر إذا زال عنه التغيّر بالاتّصال بالكثير، وأمّا المقدار المتغيّر في القليل فلا يطهر؛ لأنّه لم يتصل بالكثير.
وهكذا نلاحظ إمكان توجيه الفرق بين حالة التفّسخ وعدمه في الماء