وقد حقّقنا ذلك في بحثٍ سابق‏[1] وأثبتنا سريان الإجمال.

وعليه فلا يمكن الاستدلال بالرواية على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة عين النجس، وسوف يأتي‏[2] الحديث عن الرواية مرّةً اخرى- إن شاء اللَّه تعالى- من زاوية الاستدلال بها على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس.

ومنها: ما عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: راوية من ماءٍ سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة ميّتة، قال: «إذا تفسّخ فيها فلا تشرب من مائها، ولا تتوضّأ، وصبّها، وإن كان غير متفسّخٍ فاشرب منه وتوضّأ، واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية، وكذلك الجرّة، وحِبّ الماء، والقربة، وأشباه ذلك من أوعية الماء». قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: «إذا كان الماء أكثر من راويةٍ لم ينُجِّسه شي‏ء، تفسَّخ فيه أو لم يتفسّخ، إلّاأن يجي‏ء له ريح تغلب على ريح الماء»[3].

وتقريب الاستدلال بها واضح، وقد يعترض على ذلك باعتراضين:

الأوّل: أن القائل بانفعال الماء القليل يقول: إنّه ينفعل بملاقاة الميتة، سواء تفسّخت فيه أم لا.

والقائل بعدم الانفعال يقول: إنّه لا ينفعل بالملاقاة، سواء تفسّخت الميتة فيه أم لا ما لم يحصل التغيّر.

فالتفصيل في انفعال الماء القليل بين حالة التفسّخ وعدمه- كما في الرواية- ممّا لم يقل به أحد.

الثاني: أنّ مقدار الراوية أقّل من الكرّ، وقد حكمت الرواية بالفرق بين‏

 

[1] راجع الصفحة 358 وما بعدها

[2] في الصفحة 437 وما بعدها

[3] وسائل الشيعة 1: 140، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 8