ومعلومية أنّ كون الماء في الحمّام لا يغيّر أحكامه الثابتة له في غير الحمّام لا يوجد منشأ لإثارة تلك الأسئلة إلّاتشكّك الرواة في أنّ ماء الحوض الصغير هل يعتبر متّصلًا بما في الحوض الكبير بمجرّد وجود انبوبٍ بينهما بحيث يكفي هذا لملاحظة المجموع ماءً واحداً وتقوّي أحدهما بالآخر، أوْ لا؟

وقد تصدّى الإمام لتوضيح اعتصام ماء الحمّام وإزالة التشكّك الواقع في نفوس الرواة، وذلك بتنزيل ماء الحمّام منزلة الماء الجاري.

ومن الظاهر أنّ المياه الجارية في أراضي العرب والحجاز منحصرة بالجاري الكثير، ولا يوجد فيها جارٍ قليل، فالتنظير والتشبيه بلحاظ أنّ الجاري الكثير كما أ نّه معتصم لكثرته وتقوّي بعضه ببعضٍ كذلك ماء الحمّام يتقوّى بعضه ببعض، ولو لأجل مجرّد الاتّصال بانبوب، فلا نظر في الرواية إلى اعتصام الجاري بالمادة مطلقاً، قليلًا كان أم كثيراً[1].

وهذا البيان الذي أفاده السيّد الاستاذ في الاعتراض وجيه، ولا يتوقّف على دعوى أنّ المياه الجارية في أراضي العرب منحصرة بالجاري الكثير، بل يتمّ حتّى‏ مع فرض تعارف القليل والكثير معاً؛ وذلك لأنّ المفروض أنّ السبب المثير لأسئلة الرواة عن ماء الحمّام هو التشكّك في وحدته مع اختلاف سطوحه.

ومن الواضح أنّ هذا التشكّك إنّما هو في فرض جريان الماء. وأمّا الماء الساكن المختلف السطوح فلا إشكال عرفاً في وحدته وانفعاله إذا كان قليلًا، وتقوّي بعضه ببعضٍ إذا كان كثيراً، وإنّما يحصل التشكّك في حالة اختلاف السطوح مع الجريان؛ لاحتمال كون الجريان من سطحٍ إلى سطحٍ موجباً لتعدّد الماء.

 

[1] التنقيح 1: 121- 122