موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج9، ص: 368
فالتنزيل وإن كان لا يقتضي ثبوت حكم ماء الحمّام للماء الجاري، بل ثبوت حكم الماء الجاري لماء الحمّام- كما افيد- غير أنّ الكاشف عن حكم الماء الجاري إذا كان منحصراً بما نعرفه من حكم ماء الحمّام المنزَّل منزلته فمثل هذا الكاشف لا يمكن أن يكشف عن ثبوت مرتبةٍ للاعتصام في الجاري أوسع من المرتبة الثابتة في ماء الحمّام.
وقد يجاب عليه- كما في مصباح الفقيه للمحقّق الهمدانيّ قدس سره[1]-: بأنّ المنزّل منزلة الماء الجاري إن كان هو ماء الحمّام بمعناه الجامع بين القليل والكثير لأمكن أن يقال: إنّ هذا الجامع في طرف المنزّل لمّا كان موضوعاً للاعتصام المنوط بالكثرة- لا للاعتصام الفعليّ على كلّ حالٍ- فلا يثبت بمعرّفية التنزيل للماء الجاري إلّاما يكون في قوّة الاعتصام المنوط، فلا تكون دليلًا على اعتصام الجاري القليل.
وأمّا إذا كان المنزّل منزلة الجاري هو ماء الحمّام المتعارف الذي يستبطن الكرّية حتماً فهو ليس موضوعاً للاعتصام المنوط، بل هو موضوع للاعتصام الفعلي؛ لأنّ الكريّة مستبطنة فيه، فيكون الماء الجاري موضوعاً للاعتصام الفعليّ أيضاً. وحيث إنّ الماء الجاري عنوان ينطبق على القليل والكثير فيثبت الاعتصام لهما معاً.
وهناك اعتراض آخر على الاستدلال بالرواية أفاده السيّد الاستاذ دام ظلّه، وهو: أنّ ماء الحمّام كان مثاراً للأسئلة من الرواة بعد فراغهم عن كبرى انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة واعتصام الكرّ، وبعد وضوح أنّ الحمَّامات المنظورة للرواة كانت تشتمل بمادّتها على كرٍّ بل أكرار من الماء.
[1] انظر مصباح الفقيه 1: 63- 64