أحدهما: فيما استدلّ به على اعتصام الماء الجاري، إذ يبحث عن أصل دلالته على الاعتصام وشموله للقليل.
والآخر: في النسبة بين أدلّة الاعتصام بعد فرض شمولها للقليل من الجاري، وأدلّة انفعال الماء القليل بالملاقاة.
أمّا المقام الأوّل فقد يستدلّ على اعتصام الماء الجاري بعددٍ من الروايات:
منها: الروايات الدالّة على نفي البأس ببول الرجل في الماء الجاري[1]. وقد جعلها المحقّق الهمداني قدس سره مؤيدةً للقول بالاعتصام[2]، وإن نقل عنه أ نّه ادّعى صراحتها في ذلك.
ومن الواضح أنّ هذه الروايات: إن كان السؤال فيها عن حكم البول في الماء الجاري فهو ظاهر في استعلام الحكم التكليفيّ للبول في الماء الجاري بماهو فعل للمكلّف، ولا يكون للرواية نظر حينئذٍ إلى الاعتصام.
وإن كان السؤال فيها عن حكم الماء الذي يبال فيه فهو استعلام لحال الماء بعد وقوع البول فيه، ويدلّ عندئذٍ نفي البأس في الجواب على طهارته واعتصامه.
والطبع الأوّلي لمثل قوله: «سألته عن البول في الماء الجاري» هو السؤال عن حكم البول في الماء الجاري بما هو فعل للمكلّف، فيكون سؤالًا عن الحكم التكليفي.
وغاية ما يمكن أن يدّعى في مقابل ذلك: أنّ السائل باعتبار عرفيّته يكون لكلامه ظهور في النظر إلى حيثيةٍ محتملةٍ احتمالًا عرفياً، فإذا دار نظره في السؤال بين حيثيتين يكون الاحتمال في إحداهما أقرب إلى الذهن العرفي- بما هو ذهن
[1] وسائل الشيعة 1: 143، الباب 5 من أبواب الماء المطلق
[2] مصباح الفقيه 1: 35 حيث قال: وتؤيّده أيضاً الأخبار