النجاسة ليس من أجل حكومة دليل الاستصحاب عليه، بل لقصوره في نفسه بسبب ذلك الإجمال. وبعد فرض عدم جريان الاستصحاب وعدم جريان أصالة الطهارة من أجل ذلك الإجمال يرجع إلى أصالة البراءة عن حرمة الشرب، وأصالة الطهارة في الملاقي، وأصالة الاشتغال فيما اخذت فيه طهارة الماء شرطاً؛ للشكّ في وجود الشرط خارجاً، وأصالة البراءة عن المانعية فيما إذا جعل الماء المتنجّس مانعاً للشكّ في مانعية هذا الماء الذي زال عنه التغيّر، ونحو ذلك من الاصول المؤمِّنة، أو المنجِّزة.
الثانية: على مستوى الأدلّة الاجتهادية، وفي هذه المرحلة قد يتمسّك لإثبات النجاسة بإطلاق روايات التغيّر بدعوى: أنّ الحكم بالنجاسة فيها شامل- بمقتضى الإطلاق- لما بعد زوال التغيّر لأنّ عنوان التغيّر لم يؤخذ قيداً في الموضوع، كما لو قيل: «الماء المتغيّر نجس»؛ لئلّا يكون للدليل إطلاق لما بعد زوال التغيّر، بل اخذ شرطاً للحكم، فقيل: «إذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تشرب»، فيكون الحكم في الجزاء منوطاً بحدوث الشرط، ومطلقاً من ناحية بقائه أو ارتفاعه، فيثبت المطلوب بالإطلاق.
والمناقشة في التمسّك بهذا الإطلاق يمكن تقريبها بأحد وجهين:
الأوّل: أنّ القيود المأخوذة على نهج الشرط في القضية الشرطية- كالتغيّر في روايات الباب- يختلف حالها، فإنّ المستظهر من بعضها أنّ القيد مأخوذ قيداً بحدوثه وبقائه بحيث يكون بقاء الحكم في طرف الجزاء منوطاً ببقائه، والمستظهر من بعضها الآخر أنّ القيد مأخوذ بحدوثه بحيث لا يضّر ارتفاعه في بقاء الحكم المجعول في طرف الجزاء على حاله؛ وذلك لأنّ مقتضى الدلالة اللفظية الأوّلية للقضية الشرطية هو كفاية حدوث الشرط في تحقّق الجزاء، ومقتضى إطلاق الحكم في طرف الجزاء حينئذٍ عدم إناطة بقائه ببقاء الشرط.