غير أنّ مناسبات الحكم والموضوع الارتكازية في ذهن العرف قد تصبح أحيانا قرينةً على أنّ القيد اخذ بحدوثه وبقائه قيداً للحكم، بحيث ينعقد للكلام ظهور في ذلك بضمّ هذه المناسبات الارتكازية التي تشكّل القرينة اللبّية. وقد لا تكون أحياناً بتلك المثابة، ولكنها توجب إجمال الكلام، وعدم انعقاد الإطلاق في طرف الجزاء؛ لحالة ارتفاع الشرط بسبب اقترانه بتلك القرينة اللبّية التي يعامل معها معاملة القرائن المتّصلة.
ففي قولنا: «إذا أصبح شخص عالماً فأكرمه» نستفيد منه نفس ما نستفيده من قولنا: «أكرم العالم»، رغم أنّ العلم مأخوذ قيداً للموضوع في الثاني، وشرطاً لثبوت الحكم على موضوعه في الأوّل؛ لأنّ مناسبات الحكم والموضوع الارتكازية تقتضي أن تكون فعلية العلم مناطاً للحكم، لا مجرّد حدوثه، فينعقد للكلام ظهور في نفس ما كان القول الثاني دالًاّ عليه بحيث لا يبقى للجزاء إطلاق؛ لفرض ارتفاع الشرط.
وقد ينعكس المطلب، فيكون القيد مأخوذاً في موضوع الحكم في لسان الدليل، ولكنّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي أخذه بوجوده الحدوثيّ مناطاً للحكم، فينعقد للدليل- بضمّ هذه القرينة اللبّية- ظهور في ثبوت الحكم واستمراره حتّى بعد ارتفاع القيد، كما إذا ورد «أكرم الشخص المكرِم لك» فإنّ القيد هنا اخذ في الموضوع، ومقتضى الجمود على الدلالةاللفظية الأوّلية للدليل أنّ وجوب إكرام الشخص منوط بكونه مكرِماً بالفعل، فلا يبقى بعد انتهاء الإكرام من الشخص الآخر، ولكنّ مناسبات الحكم والموضوع وارتكازية مجازاة الإحسان بالإحسان عرفاً تكون كالقرينة المتّصلة على كون المكرمية بوجودها الحدوثيّ قد اخذت قيداً للحكم، بحيث ينعقد للخطاب ظهور في إطلاق وجوب الإكرام لما بعد انتهاء فعلية الإكرام من الشخص الآخر.