الثاني: أنّ ظاهر أخذ عنوان غلبة وصف النجس وريحه في موضوع الانفعال دخله في الحكم، فلو التزمنا بأنّ الانفعال يكفي فيه مجرّد اختفاء وصف الماء- ولو بظهور وصفٍ آخر غير وصف النجس- للزم أن لا يكون لغلبة وصف النجس بعنوانها أيّ دخلٍ في الانفعال.
وامتياز هذا الوجه على سابقه: أ نّه يبرز نكتة لتقديم إطلاق المفهوم في رواية سماعة على إطلاق ما دلّ على النجاسة بالتغيّر، وهي: أ نّه يلزم من تقديم الإطلاق الثاني إلغاء دخل غلبة وصف النجس في الحكم رأساً، خلافاً لما إذا قدّمنا الإطلاق الأوّل، فإنّ غاية ما يلزمه تقييد التغيير المأخوذ في موضوع الإطلاق الآخر، لا إلغاء دخله في الانفعال رأساً.
ويرد عليه: أ نّه من الواضح التلازم العرفيّ في مورد الرواية بين عدم ظهور وصف النجس وعدم التغيّر مطلقاً؛ لأنّ مورد الرواية ماء فيه دابّة قد أنتنت، وفرض التغيّر فيه مساوق لفرض النتن، إذ لا يتصوّر عرفاً أن تؤثّر الدابّة المنتنة ريحاً في الماء غير ريح النتن، ومع هذا التلازم العرفيّ لا يبقى لأخذ عنوان غلبة النتن- الذي هو ريح النجس- على الماء ظهور في أنّ الغلبة بعنوانها هي المناط وجوداً وعدماً في الانفعال وعدمه، بل يحتمل أن يكون اخذها باعتبارها هي التعبير المنحصر عن التغيّر في مورد الرواية، إذ لا يتصوّر التغيّر في موردها عرفاً بدون ذلك.
ولو سلّم الظهور المذكور فهو يقع طرفاً للمعارضة مع ظهورٍ مماثلٍ له في رواية حريز «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ»[1]، فإنّ ظاهرها أنّ غلبة الماء بعنوانها دخيلة في الحكم بعدم الانفعال، فلو بني على كفاية عدم ظهور
[1] وسائل الشيعة 1: 137، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1