الماء مضافاً، وإلّا لتنجّس بالملاقاة مع الدم بلا إشكال، فإذا اتيح تصوّر مثل هذا الفرض فلا يكفي هذا الوجه لإثبات النجاسة فيه.
الوجه الثامن: أن يقال: إنّ إلقاء الدم بعد الصبغ- في مفروض الكلام- يؤثّر في شدّة الاحمرار دائماً، غاية الأمر أ نّنا نتنازل عن الوجه السابق، ونعترف بأنّ هذه الشدّة ليست حسّية، ولكن لا مجال لإنكار أصل وجودها، إذ بعد فرض أنّ الدم المُلقى‏ بمقدارٍ كافٍ في نفسه لإيجاد الحمرة فلا بدّ أن يكون موجباً لاشتدادها فيما إذا القي الدم بعد الصبغ، فالتغيّر غير الحسّيِّ فعليّ إذن، وليس تقديرياً، وإنّما التقديريّ هو التغيّر الحسّي، فالتقديرية في حسّية التغيّر، لا في أصل التغيّر.
وإذا تمّ هذا تمسّكنا بإطلاق ما دلّ على النجاسة بالتغيّر؛ لأنّ ما دلّ على النجاسة بالتغيّر وإن كان لا يشمل التغيّرات غير الحسّية ولكنّ عدم شموله لها: إمّا للانصراف الناشئ من ارتكازية أنّ التغيّر بوجوده الواقعيّ- الذي لا يرى إلّا بالوسائل العلميّة والمكبّرات الحسّية- لا يضرّ بالاعتصام، وإمّا بلحاظ ما دلّ على أنّ الماء المعتصم لا ينفعل بملاقاة النجاسة، مع أنّ الملاقاة تستلزم التغيّر الواقعيّ غير المحسوس دائماً.
ومن المعلوم أنّ كلا هذين التقريبين لا يجريان في التغيير الواقعيّ غير المحسوس الذي هو ثابت في محلّ الكلام، إذ لا ارتكاز يقتضي عدم انفعال الماء المعتصم في محلّ الكلام. كما أنّ دليل عدم الانفعال بالملاقاة لا يستلزم عدم الانفعال بالملاقاة التي توجب التغيّر التقديري بالمعنى الذي هو محلّ الكلام.
وإن شئت قلت: إنّ التغير: تارةً يكون مستتراً بطبعه، واخرى يكون مستتراً لعارض، كما هو المفروض في محلّ الكلام. والقدر المتيقّن خروجه عن إطلاق مادلّ على النجاسة بالتغيّر هو التغيير المستتر عن الحسّ بطبعه، لا المستتر لعارض، فيبقى هذا تحت إطلاق قوله: «خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجِّسه شي‏ء