في نفس الماء- فلا يصلح أن يكون حافظاً لطهارته، فكما أنّ المفهوم عرفاً من دليل اعتصام الكرّ أنّ العاصم له هو كَمُّ الماء وكثرته كذلك المفهوم عرفاً من إناطة هذا الاعتصام بعدم التغيّر أنّ اعتصام هذا الماء منوط بأن لا يكون في مقابل كثرة الماء كثرة في النجاسة الملاقية له، وحيث إنّ هذه الكثرة في النجاسة محفوظة كمّاً وكيفاً- رغم عدم حصول التغيّر فعلًا- فيكون موضوع النجاسة محقّقاً في محلّ الكلام.
والتحقيق: أنّ الحكم بالنجاسة في محلّ الكلام لا يتوقّف على استظهار هذه الطريقية، بل حتّى إذا بنينا على أنّ التغيّر- إثباتاً ونفياً- مأخوذ على وجه الموضوعية يتعيّن المصير إلى الحكم بالنجاسة، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.
الوجه السابع: أن نقول: إنّ التغيّر في محلّ الكلام فعليّ، وليس تقديرياً؛ وذلك لأنّ المفروض في محلّ الكلام أنّ الدم الذي القي في الماء المصبوغ كان بمقدارٍ وبوصفٍ بحيث يكفي في نفسه لتغيّر الماء بالنحو الذي غيّره الصبغ، فإذا فرضنا- مثلًا- أنّ تأثير الدم في نفسه بمقدار تأثير الصبغ في نفسه كان مقتضى ذلك- بحسب العادة- أن تشتدّ الحمرة شدّةً محسوسةً حينما يلقى أحدهما في الماء بعد الآخر؛ لأنّ تأثير الصبغ أو الدم في احمرار الماء إنّما هو بانتشار أجزائه فيه. ومن المعلوم أنّ الأجزاء الحمراء المنتشرة في الماء إذا تضاعفت اشتدّت الحمرة فيه، وهذه الشدّة بنفسها مصداق للتغيّر؛ لأنّ التغيّر كما يحصل بزوال لونٍ كذلك يحصل بحدوث لونٍ أو مرتبةٍ جديدةٍ من اللون، فيكون التغيّر فعلياً.
نعم، يبقى الكلام فيما إذا أمكن أن نفترض أنّ الماء حصل بالصبغ على مرتبةٍ عاليةٍ من الاحمرار، بحيث لا مجال للإحساس باشتدادها مهما ألقينا في الماء بعد ذلك من دمٍ، ولا بدّ أن يلتزم في الفرض أيضاً بأنّ شدّة الاحمرار التي اكتسبها الماء من الصبغ، والتي بلغت إلى مرتبةٍ غير قابلةٍ للاشتداد الحسيّ لم تُصَيِّر