ممّا دلّ على أنّ العبرة في عدم النجاسة والاعتصام بالقاهرية والغلبة للماء، ومن المعلوم عدم القاهرية والغلبة فيما نحن فيه، فيحكم بالنجاسة.
ولكنّ هذا لو سُلِّم لا يفيد؛ لأنّ إطلاقه الدالّ على النجاسة مع عدم قاهرية الماء- ولو لم يحصل تغيير فعليّ- معارض بما دلّ على عدم النجاسة بدون التغيّر الفعليّ ولو لم يكن الماء قاهراً، وبعد التعارض والتساقط يرجع إلى ما يقتضي الحكم بالطهارة.
الوجه السادس: أن نستظهر من أخبار التغيير كون التغيير ملحوظاً بنحو الطريقية.
وتوضيح ذلك: أنّ التغيير المأخوذ موضوعاً للحكم بالنجاسة في أخبار التغيير لو كان مأخوذاً على وجه الموضوعية لأمكن الاستشكال في الحكم بالنجاسة في محلّ الكلام؛ لعدم فعلية التغيّر. ولكن يمكن أن يستظهر بقرينة الارتكاز العرفي أخذ التغيّر بما هو طريق ومعرّف، لا بما هو، فلا بدّ من ملاحظة ما اخذ التغيّر معرّفاً له ليرى أ نّه موجود في محلّ الكلام أوْ لا؟
وفي هذا المجال نلاحظ أنّ المقدار الذي يستوجب التغيّر من الدم عادةً يختلف باختلاف شدّة لونه وضعفه مثلًا، فإذا فرضنا أ نّه يتراوح من نصف اوقيةٍ إلى اوقيتين اتّجه السؤال إلى أنّ التغيّر يؤخذ طريقاً إلى أيّ مقدارٍ من تلك المقادير؟
وبهذا الصدد يمكن تصوير أخذ التغيّر طريقاً بأنحاء:
الأوّل: أنّ التغيّر يؤخذ موضوعاً للانفعال بما هو طريق إلى كَمٍّ مخصوصٍ بحيث يجعل التغيّر أمارةً عليه؛ لغلبة انحفاظه في موارد التغيّر.
والطريقية بهذا المعنى خلاف الظاهر- جدّاً- من أخبار التغيّر؛ لاستلزامها حمل النجاسة المجعولة للماء المتغيّر في هذه الأخبارعلى الحكم الظاهري، مع