في التنجيس هو التغيّر الفعليّ بالدم.

وتوضيح ذلك: أنّ الصبغ الملقى‏ أوّلًا في الماء إن كان مجرّد مقدّمةٍ إعداديةٍ مكمّلةٍ لاستعداد الماء، ومقربةٍ له نحو التغيّر، ويكون التغيّر مستنداً بنحو الإيجاد والتأثير للدم فيصدق إسناد التغيير إلى نفس الدم، من قبيل شخصٍ يبتلى‏ بأمراضٍ عديدةٍ تؤدّي إلى أن يموت بضربةٍ عاديةٍ فإنّ الموت يسند عرفاً إلى الضربة، ويرى أنّ تلك الأمراض مقدّمات إعدادية لمؤثّرية الضربة في الموت، فعلى هذا التقدير يكون التغيّر الفعليّ بالدم حاصلًا في المثال المفروض، ويتوقّف الحكم بعدم النجاسة حينئذٍ على دعوى: أنّ ملاك التنجيس ليس هو التغيّر الفعلي، بل التغيّر لو لا الطوارئ.

وأمّا إذا لم يكن الصبغ السابق مجرّد مقدمةٍ إعداديةٍ، بل جزء العلّة للتغيير بحيث يستند التغيير إلى الصبغ والدم معاً فلا يوجد تغيير فعليّ مسند إلى الدم مستقلًا، ولا موجب للحكم بالنجاسة حتّى مع جعل الميزان في التنجيس التغيّر الفعليّ بالنجاسة. وهذا هو المتعيّن، فإنّ تغيّر لون الماء إنّما يكون بانتشار أجزاء الصبغ أو الدم فيه بنحوٍ يغطّي على لونه الطبعي، فالأجزاء الصبغية مع أجزاء الدم بانتشارها في الماء أوجبت تغطية لونه الطبعي، فهذه التغطية مستندة إلى أجزاء الصبغ والدم فعلًا، فالتغيّر الفعليّ بالدم غير ثابت.

الوجه الخامس: التمسّك بما ورد من قوله: «إذا كان الماء قاهراً فلا بأس»[1]، وقوله: «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ منه واشرب»[2]،

 

[1] وسائل الشيعة: 1: 141، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 11، مع اختلاف في اللفظ

[2] المصدر السابق: 137، الحديث 1