أنّ ما يكون مغيّراً بما هو نجس يتنجّس، فلا بدّ أن تكون الحيثية التي بها صار نجساً هي نفس الحيثية التي بها صار مغيّراً. وهذا لا يصدق في التغيّر برائحة ماء الورد المتنجّس كما عرفت، ولكن يصدق في التغيّر بالمتنجّس باستمداد أوصاف عين النجس التي يحملها منه، فإنّ المتنجّس في هذا الفرض كانت الحيثية التي صار بها نجساً- وهي ملاقاته لعين النجاسة وتأثّره بها- عين الحيثية التي بها صار مغيّراً؛ لأنّ المفروض أ نّه صار مغيّراً بالصفات التي اكتسبها من تلك الملاقاة، فظهور الدليل في كون المغيّر مغيّراً بما هو نجس محفوظ، فيشمله الإطلاق.
كما أنّ نكتة استظهار الاختصاص بصفة عين النجاسة بلحاظ فرض كون الطعم خبيثاً- التي كانت تشكّل الجواب الرابع من الأجوبة المتقدّمة في الفرع السابق- لا تقتضي في المقام عدم شمول الإطلاق لمحلّ الكلام في هذا الفرع؛ لأنّ المفروض في هذا الفرع أنّ التغيّر كان بوصف عين النجاسة- الذي هو وصف خبيث- بملاك التلازم والترابط النوعيّ بينه وبين عين النجس، ففرض كون الطعم خبيثاً لا يأبى عن الشمول لما هو محلّ الكلام.
نعم، يبقى الكلام في الجواب الثاني من الأجوبة التي دفعنا بها التمسّك باطلاق المستثنى في رواية ابن بزيع في الفرع السابق، وهو: أنّ محصّل الرواية:
أنّ ما يكون منجّساً للماء القليل لا يكون منجّساً لماء البئر إلّاإذا غيَّره، والمتنجّس لا ينجّس الماء القليل، فلا يكون مشمولًا للمستثنى منه، وبالتالي لا يكون فرض التغيّر به مشمولًا للمستثنى.
فإنّ هذا الجواب قد يقتضي عدم شمول المستثنى لفرض التغيّر بالمتنجّس مطلقاً، سواء كان التغيّر بأوصافه الأصلية، أو بأوصاف النجاسة التي اكتسبها؛ لأنّ شمول المستثنى للمتنجّس المغيّر بأحد هذه الأنحاء فرع شمول المستثنى منه له، وبعد فرض خروج المتنجّس رأساً من دائرة المستثنى منه فلا يمكن إدخاله تحت