المستثنى ولو بلحاظ بعض انحاء التغير.
وقد استدلّ على النجاسة في هذا الفرع بوجوهٍ اخرى لا تخلو من إشكال:
الوجه الأوّل: أنّنا لو لم نلتزم بكفاية التغيّر بأوصاف عين النجس التي يحملها المتنجّس لأشكل الأمر في أكثر الموارد أو كلّها، إذ الغالب في تأثير عين النجاسة في فرض ملاقاتها للماء توسيط المتنجّس الحامل لأوصاف عين النجاسة؛ لأنّ عين النجاسة حيثما يلاقي مع الماء المعتصم لا يؤثّر ابتداءً في تغيير تمام الماء المعتصم، وإنّما يغيّر مقداراً من الماء الذي حوله. ثمّ هذا الماء الذي حوله باعتبار شدّة ما فيه من التغيّر بأوصاف النجاسة يؤثّر باختلاطه مع ما حوله، وهكذا.
فلو قيل بأنّ التغيّر بأوصاف النجس التي يحملها المتنجّس لا يكفي للتنجيس لاختصّ الانفعال في موارد ملاقاة عين النجاسة والتغيّر بها بدائرةٍ صغيرةٍ من الماء، وهي الدائرة التي استمدّت التغيّر من عين النجس ابتداءً.
ولَماشمل الانفعال باقي الماء.
وهذا الوجه لا ينتج المقصود، إذ غاية ما ينتجه: أنّ التغيّر بأوصاف عين النجس الموجودة في المتنجّس يكفي في حالة اقترانه بملاقاة عين النجاسة، وأمّا استفادة كفاية ذلك في فرض عدم اقترانه بملاقاة النجاسة فهي بلا موجب.
الوجه الثاني: أ نّه لو وجد عندنا ماء متغيّر بعين النجاسة وجمعناه مع ماءٍ آخر طاهرٍ معتصمٍ ولم يستهلك كلّ منهما في الآخر، وإنّما تغيّر ذلك الكرّ الطاهر المعتصم بسبب اتصاله بالمتنجّس الحامل لأوصاف النجاسة فصار المجموع ماءً واحداً متغيّراً: فإمّا أن يقال بأنّ تمام الماء ينجس، أو يقال بأنّ تمامه يطهر، أو يقال بأنّ ما كان متغيّراً بعين النجاسة يبقى على النجاسة، والمقدار الآخر الذي تغيّر بملاقاة المتنجّس يبقى على الطهارة.