معاوية بن عمّار أنّ الماء إذا لم ينتن لا يتنجّس، سواء تغيّر برائحة ماء الورد المتنجّس أوْ لا، فالتغيّر بصفة ماء الورد المتنجّس هو مادة الاجتماع والتعارض.
وقد يشكل في المقام بأنّ صفة النتن في هذه الرواية- إثباتاً ونفياً- ليست دائرةً مدار عين النجس؛ لوضوح أنّ النتن إثباتاً لا يختصّ بعين النجس، بل يشمل التغيّر بوصف المتنجّس أيضاً، كجيفة اللحم المذكّى المتنجّس فإنّها توجب النتن أيضاً. كما أنّ التغيّر لا بنحو النتن لا يختصّ بالمتنجّس، بل قد يحصل التغيّر بعين النجس بدون نتن.
والصحيح: أنّ الرواية ليس لها إطلاق في نفسها يرجع إليه في المقام؛ لأنّ استثناء النتن فيها يفهم منه عرفاً أنّ اسم الموصول في قوله: «ممّا وقع في البئر» يراد به الحيوانات التي تقع في البئر فتموت فيها، وتكون في معرض أن ينتن البئر بها، بمعنى أنّ استثناء حالة النتن قرينة على أنّ المفروض وقوعه في البئر سنخ شيءٍ في معرض أن يوجد نتناً في الماء على تقدير تغيّر الماء به، فلا إطلاق في الرواية ينظر إلى ملاقاة النجس.
هذا تمام الكلام في الفرع الثالث، وهو ما إذا تغيّر الماء بأوصاف المتنجّس.
الفرع الرابع: وفرضه نفس فرض الفرع الثالث، إلّاأ نّا نفرض هنا تغيّر الماء بأوصاف عين النجس التي اكتسبها المتنجّس.
وقد اتّضح حكمه ممّا تقدّم، حيث إنّ النكات المعتبرة التي على أساسها منعنا- في الفرع السابق- شمول إطلاق المستثنى في رواية ابن بزيع لصورة التغيّر بأوصاف المتنجّس لا تأتي في صورة التغيّر بأوصاف النجس التي اكتسبها المتنجّس منه.
فنكتة استظهار الحيثية التقييدية التي كانت تشكّل الجواب الأوّل على التمسّك بإطلاق المستثنى في رواية ابن بزيع محصّلها كما عرفنا: أنّ ظاهر الرواية