نفي الحكم عنه مرجعه إلى نفي الحكم عنه: إمّا لأنّ الحكم لم يثبت للطبيعيّ رأساً، وإمّا لأنّه مختصّ بغيره من أصناف الطبيعي.
والأمر الآخر: ارتكازية ثبوت الحكم المنفيّ- وهو وجوب الزكاة أوالوضوء- على الطبيعي، فإنّه بضمّ هذا الارتكاز إلى الأمر الأوّل يتبادر إلى الذهن من نفي وجوب الزكاة على الفقير، أو نفي وجوب الوضوء على المريض أ نّه لسان استثنائيّ ناظر إلى الكبرى المركوزة، وموضّح أنّ هذا الصنف غيرمشمولٍ لها.
وبهذا البيان أثبتنا نظر «لا ضرر» إلى الأحكام الأولية، حيث إنّ ثبوت الحكم المنفيّ ب «لا ضرر» في خصوص مورد الضرر غير محتملٍ عرفاً، وإنّما المحتمل ثبوته له في ضمن ثبوته للطبيعي. وهذا بضمّ ارتكازية ثبوت الأحكام الإلزامية للطبيعيّ يوجب انعقاد ظهورٍ لخطاب «لا ضرر» في النظر إلى الأحكام المجعولة وتحديدها، وبذلك تكون لها الحكومة على أدلّتها.
وهذه النكتة تنطبق على محلّ الكلام، فإنّ قوله: «خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجّسه شيء» تصدّى إلى نفي التنجيس عن الماء، ويتوفّر في المورد كلا الأمرين، فإنّ الماء لا يحتمل عرفاً اختصاصه بالتنجيس أي كونه أقلّ عصمةً من سائر الأشياء، وإنّما المحتمل ثبوت التنجيس للطبيعيّ بنحوٍ يشمله. وحيث إنّكبرى تنجّس الأشياء بالملاقاة للنجس ارتكازية فينصرف النفي المذكور إلى كونه لساناً استثنائياً وناظراً إلى الكبرى المركوزة، وموضّحاً خروج الماء عن تحتها.
وعليه فيكون المتحصّل عرفاً من الكلام المذكور: أنّ ما ينجّس غير الماء لا ينجّس الماء إلّاما غيَّره. ومن الواضح أنّ ما ينجّس غير الماء- بقطع النظر عن التغيير- هو ما يلاقيه من النجاسات، لا ما يجاوره، فالمغيّر للّون أو الطعم أو