الريح مستثنىً من الملاقي، فلا يشمل المغيِّر بالمجاورة.
الثانية: التمسّك برواية ابن بزيع «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّاأن يتغيّر» بدعوى التمسّك بإطلاق المستثنى- كما في الحديث السابق- بعد فرض عدم أخذ الملاقاة قيداً في مورد الرواية.
والتحقيق: أنّ قوله: «إلّاأن يتغيّر» تارةً يراد به محصّل قولنا: «إلّاالتغير» بتأويل أن والفعل بالمصدر فيكون المستثنى نفس التغيّر. واخرى يراد به محصّل قولنا: «إلّاشيئاً حالة التغيّر»، فيكون التغيّر حالةً للمستثنى.
ولا إشكال في أنّ الثاني هو الظاهر من الرواية: إمّا بلحاظ ما أشرنا إليه من ظهور النفي في كونه ناظراً إلى الكبرى المركوزة، وبياناً لعدم تنجّس الماء بمايكون منجّساً لغيره، ومن المعلوم أنّ ما ينجّس غير الماء إنّما هو مجرّد الملاقاة لا التغيّر.
وإمّا بلحاظ أنّ كلمة «شيء» اسم صريح، و «أن يتغيّر» اسم مؤوَّل، واستثناء الاسم المؤوّل من الاسم الصريح لا يخلو من عناية.
وإمّا بلحاظ أنّ التنجيس يضاف عرفاً إلى العين: من الدم والبول وغيرهما من الأجسام، لا إلى الملاقاة والتغيّر، بل الملاقاة والتغيّر يعتبر شرطاً في تنجيس تلك العين، من قبيل النار التي يضاف الإحراق إليها عرفاً، وتعتبر الملاقاة شرطاًفي تأثيرها. فإذا قيل: «لا يحرقه شيء» يراد بذلك لا تحرقه أيّ نار، فكذلك في المقام حين قيل: «لا ينجّسه شيء»، يراد بالشيء الدم والبول وغيرذلك من الأجسام القذرة والمتقذِّرة، فلا يناسب أن يستثنى منها التغيّر.
فالتغيّر إذن ليس هو المستثنى، بل حالة للمستثنى، فلا بدّ أن يفرض أن المستثنى سنخ شيءٍ كان داخلًا في المستثنى منه ثمّ استثني بلحاظ حالةٍ واحدةٍ من حالاته، وهي حالة التغيّر، فيكون محصّل العبارة في هذه الرواية هو محصّل قوله: