وهكذا يتّضح أنّ تمام أقسام المياه المعتصمة تنفعل بالتغيّر.

وكما أنّ التعميم بلحاظ أقسام المياه ثابت كذلك بلحاظ أقسام النجاسات العينية. فإنّ بعض روايات الباب، فرض فيها التغيّر بنحوٍ مطلقٍ يشمل التغيّر بأيّ نجاسةٍ عينية، كما في رواية ابن بزيع.

وبعض روايات الباب وإن فرض فيها التغيّر بنجاسةٍ معيّنةٍ- كالروايات التي وقع السؤال فيها عن الماء المتغيّر بالجيفة والميتة[1] ونحو ذلك- ولكن مع هذا يصحّ التمسّك بإطلاقها.

ولا ينبغي أن يُدَّعى اختصاصها مورداً بالتغيّر بالميتة مثلًا، فلا تشمل التغيّر بغيره من النجاسات؛ وذلك لأنّ السؤال والجواب في هذه الروايات، منصرف بحسب الارتكاز المتشرّعيّ إلى حيثية نجاسة هذه الجيفة والميتة، فالسؤال عن الماء المعتصم وإلى جانبه الجيفة والميتة والجواب بالتفصيل بين التغيّر وعدمه كلاهما- بحسب الارتكاز المتشرّعيّ- ينصرفان إلى أنّ النظر إلى الجيفة بما هي نجاسة، لا بما هي ميتة بالخصوص، ومنشأ هذا الانصراف مركزية كبرى سريان النجاسة بالملاقاة، فإنّ ارتكاز هذه الكبرى في الذهن المتشرّعيّ بل والعرفيّ يوجب انصراف الذهن إلى كون الملحوظ في السؤال عن الماء الذي إلى جانبه الجيفة، وفي الجواب على ذلك بالتفصيل بين التغيّر وعدمه إلى تلك الكبرى الارتكازية، فيكون المقصود: بيان حكم الميتة بما هي نجاسة، لا بما هي ميتة، فيشمل الحكم سائر النجاسات.

وهذا نحو من التبادر الناشئ من قرينية الارتكاز، وبهذا التقريب نستفيد إلغاء الخصوصية في كثيرٍ من المقامات.

 

[1] وسائل الشيعة 1: 137، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1 و 6