لماء البئر ثابتة له لا بما هو بئر، بل بما هو نابع، بإلغاء خصوصية البئرية بالارتكاز العرفيّ لمناسبات الحكم والموضوع. أو بمتنها المفصَّل المذيَّل بقوله: «فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه لأنّ له مادة»[1] بدعوى أنّ مقتضى التعليل بأنّ له مادةً- بناءً على كونه تعليلًا للحكم بالسعة- هو شمول الاعتصام لكلّ نابع.
أمّا المتن المختصر فواضح؛ لأنّ الحكم المجعول على البئر إنّما هو عدم الانفعال المشروط بعدم التغيّر، فبعد إلغاء خصوصية البئر وإسراء الحكم لطبيعيّ النابع لا يثبت إلّانفس ذلك العدم المشروط.
وأمّا المتن المفصّل فلأنّ المادة جعلت فيه علّةً للمقدار المجعول في صدر الرواية من الاعتصام من غير ناحية التغيّر. وعليه فدليل اعتصام الجاري والنابع في نفسه لا إطلاق له لصورة التغير.
نعم، لو تمّ لدينا الاستدلال على اعتصام الماء الجاري برواية سماعة- قال: سألته عن الماء الجاري يبال فيه؟ قال: «لا بأس»[2]– لأمكن أن يدّعى أ نّها مطلقة حتّى لصورة حصول التغيّر على نحوٍ تقع طرفاً للمعارضة مع إطلاق مادلّ على انفعال الماء بالتغيّر، وتعالج المعارضة عندئذٍ ببعض ما تقدّم[3] من علاجات.
غير أنّ جملةً من الأكابر، ومنهم السيّد الاستاذ- دام ظلّه- لم يرتضِ دلالة تلك الرواية على الاعتصام، على ما يأتي تفصيله في بحث الماء الجاري إن شاء اللَّه تعالى[4].
[1] المصدر السابق: 141، الحديث 12
[2] وسائل الشيعة 1: 143، الباب 5 من أبواب الماء المطلق، الحديث 4
[3] في الصفحات 231 وما بعدها
[4] راجع الصفحة 357 وما بعدها