عالياً لا يمنع عن ملاحظتهما ماءً واحداً، والحكم عليهما بما يحكم به على الماء الواحد، فلا يكون المجعول في هذه الروايات اعتصاماً جديداً وراء الاعتصام المجعول بطبيعي الماء إذا بلغ كرّاً ليتمسّك بإطلاقه حتّى لحال التغيّر، بل لا يكون فيها إطلاق أزيد من إطلاق أدلّة الاعتصام الأولية للكرّ في نفسها.

الجهة الرابعة: في النسبة بين دليل اعتصام الماء النابع أو الجاري ودليل الانفعال بالتغيّر.

والتحقيق في ذلك: أنّ دليل اعتصام الماء النابع أو الجاري ليس له إطلاق في نفسه يشمل صورة التغيّر لكي تقع المعارضة بينه وبين ما دلّ على انفعال طبيعيّ الماء بالتغيّر على نحو العموم من وجه؛ لأنّ مهمّ الدليل على اعتصام الماء النابع أو الجاري أحد وجهين:

الأوّل: رواية داود بن سرحان، التي دلّت على أنّ ماء الحمّام بمنزلة الماء الجاري، وحيث نعرف من الخارج أنّ ماء الحمّام معتصم فيثبت أنّ المنزَّل عليه محكوم بالاعتصام.

وهذا التقريب لا يمكن أن يثبت للماء الجاري اعتصاماً أوسع من الاعتصام الثابت لماء الحمّام، وحيث إنّ اعتصام ماء الحمّام لا إطلاق في دليله لحالة التغيّر- كما عرفنا في الجهة السابقة- فكذلك اعتصام الجاري المستفاد من هذه الرواية.

الثاني: رواية ابن بزيع، وهي أيضاً قاصرة عن إثبات عدم الانفعال في صورة التغيّر، سواء كان الاستدلال بمتنها المختصر الوارد في أحد طريقيها- وهو: «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء إلّاأن يتغيّر»[1]– بدعوى أنّ السعة الثابتة

 

[1] وسائل الشيعة 1: 140، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 10