الطهورية وعدم الانفعال إلّابالتغيّر، فإذا ضممنا إلى ذلك دعوى: أنّ مياه الأرض الأصلية كلها خلقت بنحو المطر في ابتداء وجودها فيثبت أنّ ماء المطر ينفعل بالتغيّر؛ لأنّنا لو بنينا على أنّ المطر لا ينفعل حتّى بالتغيّر فهذا معناه أنّ اللَّه خلق الماء لا ينجّسه شيء حتّى ما غيّر لونه وطعمه وريحه.
والحاصل: أنّ الحالة الأوّلية التي خلق عليها الماء منظور إليها بالخصوص في هذا الحديث، وحيث إنّ هذه الحالة هي حالة المطرية- بحسب الفرض- فلا يمكن تخصيص الحديث، والالتزام بأنّ المطر لا ينفعل حتّى بالتغيّر، لأنّ معنى ذلك- كما عرفت- أنّ اللَّه خلق الماء بنحوٍ لا ينفعل حتّى بالتغيّر.
وهذا الوجه إذا سلّمنا استظهاراته وفروضه فهو غير تامٍّ مع ذلك؛ لعدم التعويل على سند النبويّ المذكور[1].
الرابع: الاستدلال ببعض الروايات الواردة في ماء المطر بعنوانه، بدعوى استفادة منجّسية التغيّر منها، فتكون أخصّ مطلقاً ممّا دلّ بإطلاقه على عدم انفعال المطر حتّى بالتغيّر، وتلك هي رواية هشام بن سالم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: أ نّه سأل عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء، فيَكِف[2] فيصيب الثوب، فقال: «لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه»[3].
فإنّ قوله: «ما أصابه من الماء أكثر منه» بمثابة التعليل لعدم الانفعال، فيكون دالًاّ على أنّ الميزان في عدم الانفعال- الذي يدور عدم الانفعال مداره-
[1] راجع البحث حول سند النبوي الصفحة: 225
[2] يَكِفُ: أي يتقاطر من سقفه علينا فيصيب الثوب، يقال: وَكَفَ البيت بالمطر … سال قليلًا. مجمع البحرين 5: 131« مادّة وَكَفَ»
[3] وسائل الشيعة 1: 144، الباب 6 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1