بالملاقاة، وما هو المحتمل هو انفعال المطر القليل بالتغيّر، لا بالملاقاة، فكيف يمكن أن نثبت نجاسته بعد تساقط إطلاق دليل اعتصام المطر مع معارضه بدليل انفعال الماء القليل؟!

قلنا: إنّ مفاد دليل انفعال الماء القليل هو تنجّس الماء القليل بالملاقاة، ومقتضى الإطلاق فيه عدم تقيّد الملاقاة بالتغيّر، وما هو المحتمل في المطر القليل انفعاله بالملاقاة المغيّرة، لا بصرف التغيّر ولو لم تكن ملاقاة، فنحن نثبت بإطلاق دليل انفعال الماء القليل أنّ المطر القليل ينفعل بالملاقاة، ولكن لا مطلقاً، بل بالملاقاة المغيّرة، فالمراد إثباته بدليل انفعال الماء القليل ليس هو الانفعال بصرف التغيّر ولو لم تكن ملاقاة حتّى يقال: إنّ هذا ليس هو مدلول دليل الانفعال في الماء القليل. بل المراد إثباته: انفعال المطر القليل بالملاقاة، ولكن لا مطلقاً، بل في حال التغيّر.

وأمّا المطر البالغ درجة الكرّية إذا لاقى النجاسة وتغيّر بها، وفرض سقوط إطلاق دليل الانفعال بالتغيّر مع إطلاق دليل اعتصام المطر بالمعارضة فلا يمكن الرجوع فيه إلى إطلاق دليل انفعال الماء القليل، كما هو واضح.

الثالث: التمسّك في المقام بالنبويّ «خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجّسه شي‏ء، إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه»[1].

فإنّ هذا الحديث يتمّيز عن سائر الروايات الدالّة على انفعال طبيعيّ الماء بالتغيّر بنكتةٍ تجعله مقدّماً على إطلاق دليل اعتصام ماء المطر، وهي: أنّ الظاهر من الحديث أنّ الأحكام المذكورة فيه ثابتة للماء من حين خَلْقِ اللَّه له، ولهذا جعلت أوصافاً للماء، واسند الخلق الإلهيّ إليه بما هو موصوف بتلك الصفات من‏

 

[1] وسائل الشيعة 1: 135، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 9