وشاملًا حتّى لحال التغيّر، إلّاأنّ الإطلاق الموجود في أدلّة بعض تلك الأقسام مقيّد بما دلّ على الانفعال بالتغيّر في خصوص ذلك القسم- كما في النابع فإنّه قد وردت بعض روايات الانفعال بالتغيّر فيه بالخصوص- فيكون مقيّداً لما يوجد من إطلاقٍ في بعض أدلّة اعتصامه، ومعه فلا معنى لإيقاع المعارضة بين دليل انفعال طبيعيّ الماء بالتغيّر ومجموع أدلّة الاعتصام وتقديمه على المجموع بالأخصّية.
الثاني: أ نّنا لو افترضنا استحكام التعارض بنحو العموم من وجهٍ بين إطلاق دليل اعتصام ماء المطر وإطلاق دليل الانفعال بالتغير في طبيعيّ الماء وتساقط الإطلاقين فلا يصحّ الرجوع إلى قاعدة الطهارة، بل يرجع إلى بعض أدلّة انفعال الماء القليل.
وتوضيح ذلك: أنّ مقتضى ما دلّ على أنّ الماء القليل مطلقاً ينفعل بملاقاة النجاسة أنّ الماء القليل ينفعل بالنجاسة، سواء كان مطراً أو غيره، وسواء كانت الملاقاة مع التغيّر أو بدونه، ودليل اعتصام ماء المطر يدلّ على أنّ الماء القليل إذا كان مطراً لا ينفعل بالنجاسة، فهو أخصّ مطلقاً من الدليل المفروض لانفعال الماء القليل فيخصّصه، فإذا ابتلي إطلاق الدليل المخصّص بالمعارض وسقط معه لزم الرجوع إلى إطلاق دليل انفعال الماء القليل.
فيقال: إنّ ماء المطر القليل إذا لاقته النجاسة بدون تغيّرٍ فلا ينجس، عملًا بدليل اعتصام المطر المخصِّص لدليل انفعال الماء القليل.
وأمّا إذا لاقته النجاسة وغيّرته فحيث إنّ إطلاق دليل الاعتصام المقتضي لنفي النجاسة في هذه الحالة قد سقط بالمعارض، فيرجع إلى إطلاق دليل الانفعال، اقتصاراً في الخارج منه على المتيقّن.
فإن قيل: إنّ دليل انفعال الماء القليل لا يصلح أن يكون مرجعاً وأن يتمسّك به لإثبات نجاسة المطر القليل بالتغيّر؛ لأنّ مفاد دليل انفعال الماء القليل هو انفعاله‏